أرنست خوري3 مواضيع مركزيّة لا تزال تستحوذ على كامل النقاش السياسي في تركيا؛ الأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلّها الثقيل على كاهل الأتراك، وتطورات الحملة على عصابات «إرغينيكون» التي تكشف كل يوم عن أسماء «كبيرة» وجديدة، وأخيراً ما يشبه الزلزال الذي سبّبه العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة، ولاقاه رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بمواقف لم يجرؤ أحد غيره على اتخاذها بحقّ إسرائيل.
لكن بين هذه المواضيع الدسمة، لم ينطفئ نار السجال الذي أثارته مبادرة المثقفين الأتراك في 17 كانون الأول الماضي، بالتوقيع على عريضة تعتذر باسم الأتراك عن ارتكاب السلطات العثمانية إبادة أودت بحياة 1.5 مليون أرمني في عام 1915، بحسب الرواية الأرمنية التي يرفضها أحفاد السلطنة.
الحملة ضربت شيئاً من أسس الجمهورية التركية المتعلقة بتحريم المسّ بمقدّساتها. حتى إنّ الرئيس عبد الله غول، تعرّض للانتقاد لأنه أبدى مرونة إزاء العريضة، وللاتهام بأن «والدته من أصول أرمنية»، اضطرّه إلى نفي «التهمة» على قاعدة أنه «تركي مئة في المئة».
والجديد النوعي الذي قد يثير بلبلة، لكن في أرمينيا هذه المرة، هو تحضير عدد من المثقفين الأرمن، من أصحاب مشروع «المصالحة» التاريخية بين الشعبين، عريضة تطلب السماح من الأتراك على الجرائم التي ارتكبها «الجيش الأرمني السري لتحرير أرمينيا» بحقّهم في الأيام الأخيرة لسقوط «الرجل المريض».
وكشف أحد أبطال هذه المبادرة، نائب رئيس «مجموعة الحوار الأرمني ـــــ التركي»، أرمين غاكافيان، لصحيفة «راديكال» التركية أول من أمس، عن بعض تفاصيل العريضة التي تعبّر «عن موقف المثقفين الأرمن بمعارضة جميع أشكال العنف».
وقرأ غاكافيان بعض بنود المبادرة، التي تنص على «إننا نعتذر من الأبرباء العثمانيين والأتراك للجرائم التي ارتُكبَت باسم الشعب الأرمني، ونشاركهم الألم الناجم عن هذه الجرائم». وبدا من كلام غاكافيان أن هناك نوعاً من التنسيق بين مبادرته، وتلك التي أطلقها زملاؤه في المعسكر التركي، إذ أشار إلى أن أسباب إطلاق العريضة الأرمنية، هي نفسها التي دفعت بالأتراك إلى طلب السماح من الأرمن.
وقارن غاكافيان بين عريضته وتلك التركية التي تحوي مضموناً مشابهاً، إذ تقول «لا أستطيع أن أتجاهل وأن أنكر إرادياً الكارثة التي حلّت بأرمن السلطنة العثمانية. أرفض قلّة العدالة هذه، وتبعاً لإرادتي الشخصية، أتشارك ألم أشقّائي الأرمن وأعتذر منهم».