موسكو ـ حبيب فوعانييبدو أن النقاط ستوضع على الحروف قريباً، في قضية صفقة بيع 28 مقاتلة «ميغ-29 إس إم تي» و6 مقاتلات تدريبية من طراز «ميغ-29 أو بي تي» روسية إلى الجزائر. وكانت هذه الأخيرة قد أعادت بداية العام الماضي، 15 طائرة منها إلى روسيا كانت قد تسلمتها في عامي 2006 و2007، بحجة وجود عيوب في التصنيع.
وأبرمت الصفقة، التي تبلغ قيمتها مليارين و286 مليون دولار، خلال زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين إلى الجزائر عام 2006، في إطار حزمة اتفاقيات تعاون عسكري بمبلغ 8 مليارات دولار، بعد إسقاط ديون جزائرية لروسيا وقيمتها 4 مليارات و700 مليون دولار.
وعقدت الصفقة بطريقة «التبديل»، أي إن طائرات «الميغ» الجديدة كانت ستحل محل 36 طائرة قديمة من الطراز نفسه، اشترتها الجزائر من أوكرانيا وبيلاروسيا في التسعينيات من القرن الماضي، وتعهدت شركة «ميغ» الروسية بأخذها و«التصرّف بها».
ويعزو الجانب الروسي إعادة «الميغ»، إلى خلافات في أوساط القيادة الجزائرية وضغوط فرنسية وأميركية على الجزائر، التي اشتكت من استخدام قطع مستعملة أو غير صالحة لدى صنع الطائرات. وتؤكد مصادر إعلامية أن ضابطاً بيلاروسياً من الوحدة التي تقوم بصيانة الطائرات الحربية الجزائرية، اكتشفها وأبلغ الجزائريين عنها.
لكن بعد عامين من التحقيقات التي قام بها محققو مصلحة الأمن الفدرالية (الاستخبارات الروسية) في مقاطعة نيجني نوفغورود الروسية، تبيّن أن مصنع «سوكول»، الذي أوكلت إليه مهمة صنع الطائرات، قد تسلم قطعاً سيّئة النوعية مجهولة المنشأ، دخلت في صنع الطائرات تحت ادعاء أنها جديدة ومن صنع أوكراني. ورفعت النيابة دعوى بتهمة الاحتيال على مورّد هذه المكونات إلى المصنع المذكور، المدير العام لشركة «آفيا تيخنو سرفيس»، وعلى موظفين في المصنع لغضّهم الطرف عن ذلك، في مقابل رشوة بلغت باعترافهما مليون روبل أي نحو 37 ألف دولار.
من ناحيته، حاول محامو المتهمين التخفيف من جريمة موكليهم، مستندين إلى العسكريين الروس، الذين أكدوا أن سبب إرجاع الطائرات من الجزائر هو «تآكل أجسام الطائرات»، و«الصراع السياسي» في القيادة الجزائرية، وطلبوا تصنيف التهمة كإساءة استخدام السلطة، واعتبار الرشوة مكافآت.
ولكن الادعاء أصر على أن المتّهمين لا يستحقون الرحمة، معتبراً أنه «بسبب أناس كهؤلاء لا يُلحَق الضرر بالصناعة العسكرية الروسية وحسب، بل وتُشوَّه سمعة الدولة في سوق الأسلحة الدولية».
وليس معلوماً حتى الآن كيف «ستتصرف» شركة «ميغ» بالطائرات الـ36 الجزائرية القديمة المستبدلة، وماذا ستفعل وزارة الدفاع الروسية بـ15 طائرة مستعادة اشترتها من شركة «ميغ»؟ ولا يستبعد المراقبون أن يجد بعضها الطريق إلى سماء لبنان.