تحدّى زعيم المعارضة الباكستانية، رئيس الحكومة الأسبق نواز شريف، الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه الحكومة، أمس، وانضم بعد ساعات إلى تظاهرة مناوئة سرعان ما تحوّلت إلى العنف والفوضى، تخلّلتها اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وأمام تأزّم الوضع الباكستاني وانعكاساته السلبية على الحرب الأميركية على الإرهاب، تدخلت واشنطن من أجل صياغة اتفاق بين السلطة والمعارضة.وفي ساعات الفجر الأولى، أتى مئات عناصر الشرطة إلى لاهور، عاصمة إقليم البنجاب، وحاصروا منزل شريف، ووضعوه قيد الإقامة الجبرية، واعتقلوا العشرات من مناصريه. وقال المتحدث باسم حزبه الرابطة الإسلامية، برويز رشيد، إنّ «ضباط الشرطة في لاهور ـــــ شرق أبرزوا للمسؤولين في الحزب أمراً لوضع شريف وشقيقه شهباز قيد الإقامة الجبرية لثلاثة أيام».
ورأى زعيم المعارضة أن الأمر غير قانوني، ثم غادر منزله في ما بعد في قافلة سيارات لمناصريه توجّهت إلى وسط المدينة في تظاهرة ما لبثت أن تحولت إلى أعمال شغب وعنف، بعدما قام المتظاهرون بتكسير نوافذ السيارات والحافلات وإشعال الإطارات. وقال شريف أمام مناصريه «هذه لحظات حاسمة»، مضيفاً «أقول لكل باكستاني شاب إنّ هذا ليس الوقت للبقاء في المنزل، باكستان تناديكم كي تأتوا وتنقذوني».
وعن خروج شريف للانضمام إلى مناصريه، قال المسؤول الحكومي راو افتكار إن السلطات أعادت النظر في القيود المفروضة عليه كي تسمح له بمخاطبة التظاهرة، على أن يعود لاحقاً إلى منزله. كما أشار إلى أن شهباز والزعيم المعارض الآخر عمران خان، لاعب الكريكيت السابق، فرّا من أوامر الاعتقال.
ودعا نشطاء المعارضة ومحاموها مئات آلاف المحتجّين إلى السير باتجاه إسلام آباد والتجمّع أمام مقرّ البرلمان بحلول الاثنين (اليوم) في حركة احتجاجية لإعادة القضاة المعزولين. وكانت السلطات لهم بالمرصاد، إذ حشدت آلياتها على المنافذ الرئيسية للمدينة، واستنفرت القوى الأمنية في المباني الحكومية وعلى حواجز الطرق الرئيسية.
ورغم الاستنفار الأمني الكثيف، فقد تمكّن بضعة آلاف من المتظاهرين من عبور حواجز الشرطة في مولتان، بعدما أمطروا عناصر الشرطة بالحجارة واشتبكوا معهم بالعصي، فردّت الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع، وضربت المتظاهرين. كما شهدت أيضاً روالبندي (جنوب) أعمالاً مماثلة.
وأعلنت الرئاسة، أول من أمس، سلسلة من القرارات السياسية استجابة لمطالب المعارضة، في محاولة لإيجاد حل للأزمة. وستستأنف الحكومة قراراً للمحكمة العليا بشأن منع شريف وشقيقه من الترشح إلى الانتخابات والمشاركة في اجتماعات عامة. واتفق الرئيس آصف علي زرداري ورئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني أيضاً على أن الخلاف بشأن إعادة القضاة المقالين إلى عملهم «سيجد حلاً بما يتفق والمبادئ الواردة في شرعة الديموقراطية»، كما أوضح بيان صادر عن اجتماع الرجلين.
لكنّ هذه القرارات لم تمنع تصاعد الأزمة التي تقلق واشنطن وحليفتها لندن، إذ اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هاتفياً بكلّ من زرداري وشريف، أول من أمس، للتدخل بين الزعيمين لحل الأزمة. كذلك أجرى المبعوث الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك اتصالات هاتفية مع زرداري وجيلاني، فيما أجرت السفيرة الأميركية لدى باكستان آن باترسون اتصالات مع شريف. وأيضاً قام وزير الخارجية البريطاني دايفيد ميليباند بالاتصال بكبار المسؤولين الباكستانيين.
وهدفت الاتصالات الأميركية والبريطانية إلى وضع صيغة اتفاق من أجل إعادة الوضع في باكستان مرة أخرى تحت السيطرة. ويتضمن الاتفاق تقديم رزمة إصلاحات دستورية جديدة لإزالة كل نقاط الخلاف عبر البرلمان الاتحادي، كما يتضمن عودة القضاة، بمن فيهم رئيس المحكمة العليا المعزول افتخار محمد تشودري.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب)