باريس ــ بسّام الطيارةفي ٣ آذار من العام الماضي، ظهر إلى الملأ توتر العلاقة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي كان لم يكمل بعد سنته الأولى في الإليزيه؛ توتّر شكّل سبباً لإلغاء لقاء في بافاريا بحجة «تضارب في جدول الأعمال»، لكن تسريبات أكّدت أنه بسبب «تضارب وجهات النظر حول الاتحاد من أجل المتوسط».
الآن، وبعدما أنْسَت أزمة المال العالمية «هواجس الاتحاد»، وانهمكت كل كتلة وبلد في محاولات إنقاذ اقتصاده، يبدو أن «وحدة الحال» طردت التوتر.
لقد جاء التباعد حول مساعدة المصارف والتكتلات الكبرى، قبل أن يجف الاختلاف حول المتوسط ومساعدة الدول الجنوبية. إذ إن ساركوزي تذكّر في خضم الأزمة العالمية «أصوله الديغولية الاشتراكية» للتعاطي مع الملف الاقتصادي، وأضاف إليها بعضاً من جمله الاستفزازية، ما جعل ميركل «تنفر» من هذه الطروحات، بحسب أكثر من مراقب للأزمة الصامتة بين العاصمتين.
لكن هذه المرة، ثبت أن ساركوزي كان على حقّ، في ما يتعلق بالشق الاقتصادي وضرورة ضخ أموال «طازجة» في النظام المالي لمنعه من الإفلاس. وقد اضطرّت ميركل لركوب قطار المساعدات الحكومية للمؤسسات الخاصة المالية والصناعية، ما رطّب الأجواء بينهما.
وجاءت مطالبات مفوّضية بروكسل بعدم «كسر معايير ماستريخت» التي تحدّد نسب مديونية الدول وضرورات توازن ميزانيات الدول الأعضاء، لتزيد من تقارب الاثنين؛ وباتا يتكلمان لغة واحدة ويطالبان المفوضية بـ«تعامل حازم لمساعدة الدول» والتشديد على ضرورة «ترك كل دولة تحدد ما يلزمها من إجراءات». وهو ما فسّره مصدر مسؤول لـ«الأخبار» بأنّه طلب «وضع معايير ماستريخت بين هلالين» مع كل النتائج السياسية التي تترتب على ذلك، وهو ما وافقت عليه المفوضية، التي تستعدّ اليوم لنشر خطة تقضي بضخّ ١٣٠ مليار يورو في اقتصادات أوروبا لتحفيز الاستهلاك الداخلي وإطلاق العجلة الصناعية.
كذلك، لا تغيب السياسات التسليحية عن ذهن السياسيين، إذ إنه من المعروف أن «الصناعات الثقيلة» تنتظر «قرارات سياسية مالية»، وهي قادرة على «انتشال الصناعة الأوروبية من كبوتها». وقد طالبت برلين سابقاً بـ«إبقاء السياسة بعيدة عن الصناعات الأساسية»، وكان الفرنسيون يرون أنها تنظر نحو حلف الأطلسي وواشنطن. أما اليوم، وقد باتت فرنسا في حضن الأطلسي، فقد يكون توجّه ساركوزي لتنفيذ وعده بالعودة للحلف، قد سهّل إزالة التوتر بين برلين وباريس بعدما زال التنافس على زعامة أوروبا في ظل «الأطلسي العملاق».