لا شك أن الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إلى الشرق الأوسط حملت الكثير من «تحذيرات ما بين السطور». وهي إن لم تكن جديدة في العموم، إلا أنها تؤكد مجدداً رفض الإدارة الأميركية لحكومة فلسطينية لا تعترف بشروط الرباعية، لتهدّد بتعليق مساعدات إعمار غزة.وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن كلينتون حذّرت الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، وبعض الزعماء العرب من أنه «إذا قامت حكومة وحدة فلسطينية لا تفي بشروط الرباعية، فستلغي الولايات المتحدة قرارها بتقديم تبرع للسلطة الفلسطينية بمبلغ 900 مليون دولار لإعمار غزة».
وأشار دبلوماسيون إسرائيليون وغربيون إلى أن رسالة كلينتون شددت على «مطالبة إدارة أوباما كل حكومة وحدة فلسطينية بالاعتراف بإسرائيل، وهجر الإرهاب والاعتراف بالاتفاقات التي وقّعتها السلطة الفلسطينية». وإذا لم تف بهذه الشروط، قالت كلينتون فـ«لن يكون بوسعنا التعاون مع هذه الحكومة»، ملمّحة إلى أنه «من غير المجدي التقليل من أهمية القلق الأميركي في هذا الشأن».
وإحدى النقاط التي شددت عليها كلينتون، خلال زيارتها الأخيرة إلى المنطقة، هي أن «التشريع القائم في الكونغرس الأميركي لن يسمح للإدارة بنقل أموال إلى حكومة وحدة فلسطينية تشارك فيها حماس، ما دامت المنظمة لم تف بشروط الرباعية»، مضيفة أن «العمل الأول الذي سيتوقف هو تدريب أجهزة الأمن الفلسطينية بقيادة الجنرال كيت دايتون».
وفي مؤتمر شرم الشيخ قبل نحو أسبوعين، وأيضاً في قمة وزراء خارجية حلف الأطلسي الأسبوع الماضي، نقلت كلينتون رسالة إلى الزعماء ووزراء الخارجية الأوروبيين والعرب تفيد بأن «الولايات المتحدة تعارض كل مبادرة هدفها رفع المقاطعة عن حماس».
في هذا الوقت، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن أن «إسرائيل ستعيد إلى السلطة الفلسطينية سلاحاً صادره الجيش الإسرائيلي من أجهزة الأمن الفلسطينية خلال حملة السور الواقي في عام 2002». وأشارت إلى أن هناك «حديثاً يدور عن مئات قطع السلاح، ولا سيما الأوتوماتيكي والخفيف».
وأشار مصدر سياسي في القدس المحتلة إلى أنه ليس صدفة أن هذه «البادرة الرمزية ستتم في وقت قريب، وقد تلت زيارة كلينتون إلى المنطقة». وسبق أن صدّقت إسرائيل على نقل آلاف قطع السلاح الشخصية إلى رجال أجهزة أمن السلطة، في خطوة لا تخرج عن كونها رمزية، وليست مؤشراً لأي تغيير سياسي.
وإلى جانب نقل السلاح، بدأت إسرائيل عملياً بتنفيذ سلسلة أخرى من التسهيلات في المجال الأمني في الضفة الغربية، بعدما كانت قد أقرّت في الماضي إقامة 7 محطات للشرطة في المدن الكبرى في المنطقة «أ»، والآن منح الفلسطينيين الصلاحية لإقامة عشرات من محطات الشرطة الأصغر في القرى والبلدات في المنطقة «ب»، حيث تتمتع إسرائيل بالمسؤولية الأمنية. كذلك تقرر إزالة سواتر رملية في عدة محاور في منطقة الخليل ورام اللّه تسهيلاً لحركة السكان.
وفضلاً عن الرسالة الإيجابية التي تحاول إسرائيل تمريرها إلى الإدارة الأميركية الجديدة، فإن هذه التسهيلات تأتي، بحسب مصادر سياسية في القدس المحتلة، على خلفية «قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على تأمين الاستقرار والهدوء في الضفة، وإقامة منظومة علاقات عمل سليمة مع نظرائهم الإسرائيليين».
(الأخبار)