تبدو الورقة الإيرانيّة مهمة في بازار المساومات بين واشنطن وموسكو، وخصوصاً أن طهران التي تسير على خطى تحقيق طموحاتها النووية بمساعدة روسيا في هذه الأيام، باتت تمثّل قوة إقليمية مهمّة في معادلة صراع الأقطاب
موسكو ــ حبيب فوعاني
دخلت علاقات حلف شمالي الأطلسي وروسيا، مرحلة تطبيع دورية بعد إعلان الحلف أول من أمس، استئناف العلاقات مع موسكو عقب أحداث القوقاز في آب الماضي، فيما دشنت المباحثات الأميركية ــــ الروسية بين وزيري خارجية البلدين، هيلاري كلينتون وسيرغي لافروف، في جنيف أمس، مرحلة «إعادة تشغيل» العلاقات بين واشنطن وموسكو.
إضافة إلى الإعداد للقاء الرئيسين باراك أوباما وديمتري ميدفيديف في 2 نيسان المقبل في لندن، وإبرام معاهدة جديدة بشأن الأسلحة الاستراتيجية، فإن موضوعي الملف النووي الإيراني ونشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا، كانا حاضرين على طاولة المباحثات.
وكانت كلينتون قد صرّحت قبيل اللقاء بأنها تنوي بحث موضوع إمكان بيع موسكو صواريخ دفاع جوي متطورة من طراز «أس -300» إلى طهران، فيما حاولت موسكو دائماً تجنب إجبارها على الاختيار بين إيران والولايات المتحدة، وأظهر رد فعل مدفيديف أن روسيا تريد الامتناع في المستقبل أيضاً عن هذا التخيير.
وفي الرسالة، التي أرسلها أوباما منذ أسابيع قليلة إلى نظيره الروسي، أعرب عن انتفاء الحاجة إلى نشر عناصر الدرع المضادة للصواريخ في بولندا وتشيكيا في ظل غياب «الخطر النووي» الإيراني. بيد أنه ووفقاً لتصريحات رئيسي البلدين فإن الحديث في الرسالة لم يدر حول مبادلة الدرع بالتعاون في الملف النووي الإيراني.
وفي رأي الخبراء أن العلاقات بين روسيا وإيران بعد تصريحات أوباما لن تتغير. إذ قامت موسكو في 25 شباط الماضي، بإطلاق تجريبي لمفاعل «بوشهر» النووي جنوب إيران، وستنفّذ العقد المبرم بشأنه مع طهران. لكن الخبراء أيضاً لا يرون أن هذا الأمر يزعج واشنطن.
لكن موسكو لن تورّد منظومات صواريخ «أس-300» إلى طهران، كما يرى المحلل السياسي الروسي فلاديمير يفسييف، مع المحافظة على العلاقات الروسية الإيرانية على ما هي عليه على الأقل حتى 12 حزيران، الذي يصادف موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
أمّا السفير الروسي الأسبق لدى واشنطن، فياتشيسلاف ماتوزوف، فقد أكد لـ «الأخبار»، أن الحديث عن توريد الصواريخ سابق لأوانه، نافياً نفياً قاطعاً وجود أي عقد بهذا الصدد بين موسكو وطهران. غير أن الخبراء الروس، يؤكدون أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة غير مرتبطة بالعلاقات بين طهران وموسكو، على الرغم من أن روسيا استخدمت «الورقة الإيرانية» في المدة الأخيرة لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة.
لكن ذلك لن يكون سبباً لتدهور العلاقات بين موسكو وطهران. فروسيا، العضو في «السداسية»، التي تضم الأمم المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا، كانت دائماً إلى جانب فرض عقوبات مخفّفة على طهران على عكس الأعضاء الآخرين.
ورغم الدعم الإيراني لحليفة روسيا، أرمينيا، المحاصرة من جانب آذربيجان، والدور الإيراني الإيجابي في شمال القوقاز، في موازاة توسع النفوذ التركي هناك، تبقى طهران مفاوضاً صعباً مع موسكو، إذ لم يتمّ التوصل حتى الآن إلى اتفاق على وضع بحر قزوين معها، ولم تخفض طهران ولو مؤقتاً تخصيب اليورانيوم كما أصرت موسكو.
لذا فإن العلاقات في هذا «المثلث» الإيراني ــ الأميركي ــ الروسي، تتوقف على الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وعلى من سيكون الرئيس المقبل: الإصلاحي محمد خاتمي أم المحافظ محمود أحمدي نجاد؟