تمثّل عملية اختيار رئيس الوزراء البلجيكي هيرمان فان رومبي، أول رئيس للاتحاد الأوروبي، خطوة لها أهمية كبيرة على مستوى انطلاق الاتحاد برئيس يعبّر عن روحية أوروبا الجديدة
يمثّل هيرمان فان رومبوي، المولود في 31 تشرين الثاني من عام 1947، الجناح المحافظ داخل حزبه “الفلامان والديموقراطيين المسيحيين”. سياسي عايش بلجيكا في زمن الدولة الواحدة والدولة الفدرالية، وزمن الدعوات إلى الانفصال، الذي عرف خلال كل تلك الحقب كيف يفاوض على الأمور الحساسة، والقادر على تقديم التنازلات. هو الذي لقّبته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية بـ“مهندس التسويات المستحيلة”، ووصفته “بالخجول الذي يتمتع بالقيم التي تقدّرها أوروبا. لا يتحرك إلّا بالتوافق، كما أنه لا يتطرف في خطواته ويبقيها ضمن مسافة واحدة من كل الأطراف”.
هذه الصفات تأتي من الشعبية التي يتمتع بها ضمن الوالانيين، إذ يعدّ من بين محنّكي السياسة البلجيكية، ولا سيما أنه تُحسب له قدرته على ضبط الوضع في المناطق المختلطة بين الفلمان والوالان في بلده الأم.
بدأ هذا المتديّن الكاثوليكي الملتزم، الذي خصص حياته للاقتصاد والسياسة والدين، مسيرته في العمل السياسي على الصعيد الحزبي عام 1973، عندما انتُخب نائب رئيس شباب الحزب الديموقراطي المسيحي، وبقي في منصبه حتى عام 1975، قبل أن يصبح عام 1978 عضواً في المكتب الوطني للحزب. ومنذ بداية عام 1980 أصبح عضواً بارزاً في إدارة الحزب، وعُيّن من عام 1980 حتى عام 1988 مدير مركز الدراسات فيه.
أما على الصعيد الحكومي، فقد كانت بداياته عام 1975، حين شغل منصب مستشار في حكومة ليو تيندمن (1975-1978) وغاستون غينس (1978-1980). وشارك في مفاوضات تأليف حكومات ويلفرد مارتنز (الثالثة والرابعة 1982- 1988)، وجان لوك ديهان (الأولى والثانية).
وخلال تلك الفترة، كان الرئيس الإقليمي للحزب في بروكسل ـــــ هال ـــــ فيلفورد، وهي المنطقة المختلطة بين الفلمان والوالان. قبل أن يُنتخب رئيساً للحزب بين عامي 1988 ـــــ 1993.
وفي عام 1993، خلف مايك اوفيسير وزيراً للخزانة، كما شغل المنصب نفسه خلال حكومتَي ديهاين الأولى والثانية إلى جانب منصب نائب رئيس الوزراء حتى عام 1999. وكوزير للخزانة نجح بخفض

مهندس التسويات المستحيلة توافقي، خجول يتمتع بالقيم التي تقدرها أوروبا

العجز الميزانية بقوّة، كما نجح في إدخال بلجيكا في منطقة اليورو، وبخفض الديون بفضل مخطط يعتمد سياسة حسن التدبير.
إلا أن مسيرته الوزارية توقفت عقب الهزيمة القوية التي لحقت بحزبه في حزيران 1999، ما نقله إلى صفوف المعارضة. وهو منذ ذلك الوقت يشغل منصب “ممثل للشعب” في غرفة الممثلين، إحدى غرفتي البرلمان البلجيكي، الذي يقسم إلى مجلس نواب وغرفة ممثلين.
وفي الـ12 من حزيران عام 2007 انتُخب فان رومبي رئيساً لغرفة الممثلين. وخلال مفاوضات تأليف حكومة جديدة، كان عضواً ناشطاً في فريق حزب “الديموقراطيين المسيحيين والفلمان” المفاوض. كما سُمّي في الفترة الممتدة من 29 آب إلى 29 أيلول من عام 2007 من جانب الملك البرت، “منقذاً” للخروج من الفراغ الحكومي الذي كانت تمرّ به البلاد.
عُرف بمهاراته التفاوضية، وبقدرته على تقديم التنازلات، ما فتح المجال أمامه في 30 كانون الأول من عام 2008 إلى تسلّم مركز رئيس الوزراء، الذي يستمر فيه حتى الآن.
(الأخبار)