بعد محاولة تفجير الطائرة فوق ديترويت وتبنّي «القاعدة» لها، تصاعدت الأصوات لعدم إغلاق معتقل غوانتنامو، ولا سيما أن المخططَين المفترضَين أُطلقا من هذا السجن قبل عامين
ديما شريف
لم يشفِ خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء غليل الأميركيين، وخصوصاً الجمهوريين، في ما يتعلق بمحاولة تفجير طائرة الركاب الأميركية ليلة عيد الميلاد فوق ديترويت. لم يعجبهم تعهده تعقّب مَن يقفون وراء العملية ووعده بتكثيف الإجراءات في المطارات، وطالبوا بأفعال ملموسة أكثر.
ووجد منتقدو إغلاق معتقل غوانتنامو ضالّتهم في المعلومات التي أفرجت عنها وزارة الدفاع الأميركية أمس، وقالت فيها إنّ اثنين من العقول المدبرة المفترضة لمحاولة تفجير الطائرة أُفرج عنهما من سجن الجزيرة الكوبية في 2007. وأوردت معلومات الوزارة أنّ السجين الرقم 333 محمد عتيق الحربي والسجين الرقم 372 سعيد علي الشرعي، الذي غيّر اسمه إلى محمد العوفي، أُفرج عنهما وأُرسلا إلى موطنهما في السعودية في 9 تشرين الثاني 2007. هناك اشتركا

اثنين من العقول المدبرة لمحاولة التفجير أُفرج عنهما من غوانتنامو
في «برنامج إعادة التأهيل الفني» وأُفرج عنهما لاحقاً لينتقلا إلى اليمن ويصبحا قياديَّين في «القاعدة»، وهما ظهرا في شريط إلى جانب مسؤول «القاعدة» في اليمن في كانون الثاني 2009.
هذه المعلومات أثارت حنق البعض. ورأى أحد المسؤولين أنّ برنامج إعادة التأهيل مهزلة ولا ينفع، وخصوصاً أنّ السعوديين اعترفوا بفشله. وكانت الحكومة اليمنية قد أوقفت البرنامج في صنعاء بعد عودة معظم المشتركين فيه إلى حياتهم السابقة. وسخر آخرون من البرنامج الذي يحاول «نزع الإرهاب عن البعض عبر إعطائهم فرشاة رسم وبعض الألوان».
واليوم تبدو الإدارة الأميركية، التي بدأت إجراءات شراء سجن جديد في ولاية إلينوي لنقل سجناء غوانتنامو إليه، في مأزق أمام الرأي العام. يتعزز هذا المأزق مع نيّتها إرسال ثمانين سجيناً من غوانتنامو إلى اليمن، بعد إرسال ستة بداية هذا الشهر. وبدأت الأصوات ترتفع في اليومين الماضيين، حتى من داخل إدارة أوباما، بشأن جدوى هذه العملية، وخصوصاً مع تحوّل اليمن برأي البعض إلى «جنّة الإرهاب الإسلامي».

بقي عبد المطلب في اليمن منذ آب الماضي حتى بداية الشهر الحالي

وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري، بيت هوكسترا، إنّ إرسال المزيد من الأشخاص من غوانتنامو إلى اليمن فكرة سيئة جداً وغبية، وعارض إغلاق السجن. فكرة وافقه عليها رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس النواب، الديموقراطي بيني تومسون، الذي طالب بإعادة النظر بالموضوع من أساسه.
البيت الأبيض لم يعلّق على موضوع إرسال المزيد من اليمنيين إلى بلدهم، وبقيت المعلومات التي أفصح عنها عن حادثة الجمعة قليلة. وأمر الشرطة الفدرالية بعدم البوح بأيّ معلومة، حتى للنواب والشيوخ في الكونغرس، ما زاد من سخط الجمهوريين الذين اعتادوا خلال إدارة جورج بوش الاتصال برئيس الاستخبارات والحصول على المعلومات مباشرة منه.
كذلك وجّه بعض المنتقدين سهامهم إلى خيار الرئيس الأميركي إرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان وترك الدول الأفريقية واليمن «حيث تجول القاعدة وتصول من دون رادع».
من جهة ثانية، عرضت محطة «آي بي سي» الأميركية صوراً للسروال الداخلي لعبد المطلب، حيث خبّأ رزمة من البودرة المعدة للتفجير تزن 80 غراماً من مادة «بي إي تي إن». أما صحيفة «واشنطن بوست» فقد نشرت مقتطفات من مداخلات المتهم عبد المطلب على الموقع الإسلامي «جواهر» وموقع «فايسبوك» بين 2005 و2007، تعكس هواجسه وتساؤلاته عن الدين والزواج. وكتب عبد المطلب أنّه يشعر بالوحدة، ولم يجد خلال دراسته أي «صديق مسلم حقيقي». وتبيّن كتاباته أنّه زار الولايات المتحدة مرتين، وكان يفكر بإكمال دراسته فيها.
في السياق، قالت السفارة اليمنية في واشنطن إنّ عبد المطلب كان في اليمن بين آب الماضي وبداية الشهر الحالي يدرس اللغة العربية في أحد المعاهد. وقال أحد أصدقائه في الجامعة في لندن إنّه كان شخصاً عادياً، ورغم أنّه كان يصلي دائماً، إلا أنّه لم تظهر عليه علامات التطرف الديني، ولم يكن يختلط بالطلاب كثيراً أو يخرج مع الفتيات.