لقاء الرئيسان نيكولا ساركوزي ومحمود عبّاس لم يكن بروتوكوليّاً، بعد الكشف عن مبادرة جديدة للتسوية
باريس ــ بسّام الطيارة
في وقت كان فيه الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس «يرحب» بموقف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من «إمكان الاعتراف بدولة فلسطينية قبل حل مسألة الحدود»، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعترض بقوة على طروحات وزير خارجيته.
لكن هذا لم يمنع محمود عباس من «شكر الرئيس للدعم الذي يقدمه للشعب الفلسطيني»، مضيفاً أنه «لا يريد مناقشة أي كلمة من مداخلة ساركوزي» لأنه وضع «إصبعه على النقاط الأساسية لحل المسألة»، متمنياً أن يكون «الأمر واضحاً للجميع كما هو واضح لمضيفه». وردّد ما سبق أن قاله ساركوزي عندما أشار إلى أن «الجميع يعلم ما يجب فعله».
ورغم عدم رغبة عبّاس في التعليق على كلام ساركوزي، إلا أن أسئلة الصحافيين أعادتهما إلى ما قاله كوشنير بشأن «الاعتراف بالدولة الفلسطينية من دون حدود»، فتساءل ساركوزي بنبرة فيها نوع من التعجب: «ما معنى دولة من دون حدود ومن دون تواصل جغرافي ولا أي قدرة على تسيير أمرها؟». واستطرد بأن المطلوب «دولة حقيقية» ضمن حدود 1967 مع تبادل للأراضي. وقد رأى البعض في هذا «توضيحاً» لما أراد كوشنير أن يقوله، أي «إذا لم نذهب في طريق الحل». إلا أن البعض الآخر يرى أن ساركوزي ذهب أبعد من وزير خارجيته، لكن باتجاه آخر، فبعدما نبه من احتمال «انطلاق انتفاضة ثالثة»، كشف عن «مبادرات جديدة لن نعطي تفاصيلها الآن». وأضاف أنه لا جدوى من إعلان مبادرة قبل التواصل مع الأفرقاء المعنيين لنرى «ما إذا كانت صالحة». إلا أنه أشار إلى «توافق كامل مع عباس على هذه المبادرة» التي أكد «أننا سوف نأخذها».
وقد حصلت «الأخبار» من مصادر مقربة على «هيكلية الخطوط الكبرى للمبادرة»، التي عمل الجميع عليها «بمن فيهم الأميركيون» وهي مبنية على:
ـــــ تعطي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «ضمانات» وصفتها المصادر بأنها «سياسية وأمنية ومالية» تهدف إلى «محاصرة مخاطر السلام» وتفسّرها بأنها تهدف سياسياً إلى طمأنة الجانب الإسرائيلي إلى أن أي مفاوضات مقبلة ستؤكد «يهودية دولة إسرائيل» مع «وعد بوقف التحريض» من جهة، ومن جهة أخرى إلى ضمان «نصف القدس عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة» وذلك «ضمن وضع دولي» يجري التباحث فيه.
ـــــ أمنياً، سيُسهم الاتحاد الأوروبي بـ«قوة حفظ أمن»، وهي أكثر من شرطة وأقل من جيش تحفظ الأمن «داخل الأراضي الفلسطينية»، وبهذا «لا يعود هناك داع لاجتياحات إسرائيلية».
ـــــ مالياً، «تُضمن مساعدات لتعويض المستوطنين» من طريق صندوق دولي يجمع كل المساعدات، ومن ضمنها «تعويضات اللاجئين» عند التوصل إلى اتفاق، على أن تكون الدول الخليجية من كبرى المساهمين فيه.
أما بالنسبة إلى الحدود، فقد لاحظ المراقبون أن «مسألة تبادل الأراضي» ذكرت مرات ضمن حديث ساركوزي، ويبدو أنها تمثل نقطة بسبب «مطالب الإسرائيليين المتضخمة».
وتشير المصادر إلى أجواء تفاؤليّة بأن يوافق العرب في القمة المقبلة على الذهاب في هذا الاتجاه مع بعض التعديلات لـ«إلباس المبادرة الجديدة ثوب المبادرة العربية».
إلى ذلك، كشف عبّاس أنه جرى التطرق خلال المباحثات إلى عدد من المواضيع، ومنها «المفاوضات غير المباشرة التي عرضت علينا». وأردف بأنه حتى الآن لا قرار يتعلق بها. لكنه أشار إلى أنه «ناقش مع ساركوزي عدة أفكار جديدة وبناءة سنتطرق لها مستقبلاً».
وحضرت «الورقة المصريّة» للمصالحة الفلسطينية في مداخلة عباس، الذي شدد على أنه «بقي على حماس الذهاب وتوقيعها» قبل العودة إلى المسار الديموقراطي. وكرر تصميمه على عدم الترشح إذا جرت الانتخابات الفلسطينية في حزيران بعد توقيع ورقة المصالحة.
ولم يفت عبّاس تأكيد التزام «مسار السلام». ونوّه بأن السلطة «تزرع ثقافة السلام وتحاول إبعاد ثقافة العنف»، طالباً من إسرائيل المساعدة في هذا الأمر.