منذ المأساة التي وقعت يوم الخميس في منى قرب مكة، والتي أدت إلى مقتل 226 حاجاً إيرانياً ــ وفق حصيلة أخيرة أمس ــ لم يحدث أي خرق في تعاطي السلطات السعودية مع الطلبات الإيرانية المتكررة في هذا المجال، والتي تمثلت في محاولات حثيثة تبديها طهران لتسهيل التحقق من أوضاع المصابين ومن هويات القتلى.
ففي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن أسلوب التفاوض المباشر مع السعودية لم يجدِ نفعاً، كان وزير الصحة حسن هاشمي قابعاً في مطار طهران مع وفد مرافق، بانتظار الحصول على إذن من السلطات السعودية للتوجّه إلى المملكة، والإشراف على عمليات نقل الجثث والبحث عن المفقودين. وکان من المقرر أن تحصل الزيارة ظهر أمس، لكنها تأخرت بسبب عدم إصدار الحكومة السعودية إذناً بهبوط الطائرة في مطار جدة، ولكن حتى مساء أمس، كان الوفد لا يزال في مطار الإمام الخميني في طهران.
ظريف قال في مؤتمر عبر الفيديو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن «الجانب السعودي لم يبدِِ تعاوناً جيداً، وبناءً عليه ومن دون أن أقدم طلباً بذلك، طرحت الممثلية الإيرانية هذا الموضوع مع ممثلية الطرف الآخر، إلا أن إمكانية هذا الحوار لم تحصل».

وأوضح أنه «عقب عدم قيام الطرف الآخر بالرد، بشكل مباشر، طلبنا من أمير الكويت أن يتابع الموضوع، لتصبح بعدها عملية المتابعة لأوضاع الحجاج أفضل بقليل، بحيث ستنقل خلال الساعات المقبلة جثامين الضحايا من مدينة مكة المكرمة إلی جدة ومن ثم إلى إيران، لتوارى أجسادهم في الثرى».
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقد اختصر زيارته لنيويورك، للمشاركة في المراسم التي ستقام للضحايا. وأمام جلسة الجمعية للأمم المتحدة، اتهم السعودية بـ«التقصير»، معتبراً أن الحجاج الذين قضوا في التدافع كانوا «ضحايا تقصير من قبل الذين كلفوا» تنظيم الحج. كذلك طالب بـ«تحقيق دقيق حول أسباب هذه الكارثة».
في السياق ذاته، أعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أنه يتعيّن على «منظمة التعاون الإسلامي» واتحاد مجالس (برلمانات) الدول الأعضاء في المنظمة، تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب حادثة تدافع الحجيج في «منى».
وأجری مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان اتصالاً هاتفياً مع القائم بالأعمال السعودي، دعا فيه إلى توفير الإمكانية للقنصلية الإيرانية لتحديد هوية جثامين الإيرانيين الذين قضوا في حادث منى.
وقال إنه «رغم الوعود بالمساعدة والتعاون، فإن ما يقوم به المسؤولون السعوديون لتحديد مصير المفقودين ليس کافياً». وأضاف: «نتوقع من المعنيين في وزراة الداخلية والحج في السعودية أن يوفروا للقنصلية إمكانية تحديد هوية جثامين القتلی الإيرانيين الموجودة في الحاويات التي نُقلت إلی مكة».

طالب الرئيس الإيراني بتحقيق دقيق حول أسباب هذه الكارثة

وأضاف: «نتوقع من المسؤولين السعوديين أن يتحملوا المسؤولية ويتعاونوا بجدية، وبصورة مؤثرة، لتحديد هوية جميع المفقودين الإيرانيين في حادث منى».
وشدد عبداللهيان على أن «القائمين علی شؤون الحجاج الإيرانيين في مكة مستعدون لتقديم أي مساعدات فورية، ولأي تعاون مع وزارة الحج السعودية في هذا المجال». وقال: «نحن سنواصل متابعاتنا حتی تقرير مصير آخر شخص من المفقودين ومستعدون لتقديم أي مساعدة لتسريع هذا الموضوع».
من جانبه، شرح القائم بالأعمال السعودي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية في هذا المجال، حتی الآن، ووعد بإبلاغ کبار مسؤولي بلاده بهذا الأمر».
(الأخبار)