لُعاب فيرينا يكشف خيوطاً جديدة في قضيّة اغتيال النائب العام معمر عطوي
بعد مرور 33 عاماً على مقتل النائب العام الفدرالي الألماني، زيغفريد بوباك، ورفيقيه على أيدي مجموعة من منظمة الجيش الأحمر الثوري الألماني (RAF)، اقتنع الادعاء العام الفدرالي بتورط عضوة المنظمة اليسارية السابقة، فيرينا بيكر، بعملية الاغتيال هذه. ووجهت إليها تهمة المشاركة في إطلاق النار على بوباك، بدلاً من التهمة السابقة التي اقتصرت على دورها بتقديم مساعدة للقتلة. وأصدر الادعاء العام في المحكمة العليا في شتوتغارت (غرب)، في 8 نيسان الحالي، حكمه هذا، مستنداً إلى فحص الـDNA الذي أثبت وجود لُعاب يعود لبيكر على مغلّفات رسائل تضمنها ملف القضية.
وفي ما يتعلق بتهمة مشاركة ابنة السابعة والخمسين عاماً في قتل بوباك بتاريخ 7 نيسان 1977، تساءلت صحيفة «فرانكفورتر ألغيماينه»: لماذا أصبحت عضوة الـ«RAF» مشاركة في عملية الاغتيال، بينما لم تكن أولاً كذلك؟ وقالت الصحيفة إنه «يمكن معرفة التفاصيل بعد تسليم مذكرة الاتهام»، حسبما يقول متحدث باسم المحكمة. وتعقّب أن ذلك قد ينكشف هذا الأسبوع.
لكن هيئة الاتهام أصبحت لديها أخيراً ملفات سرية أعادتها إلى المحامي العام الاتحادي، راينر غريزباوم، الذي اقتنع بوجود أدلة ضد بيكر، و«ناضل» لدى وزير الداخلية السابق، فولفغانغ شويبله، لتحرير الملفات المحمية دستورياً. واستطاع بالتعاون مع وزير الداخلية، إعادتها للدرس.
صحيفة «شبيغل أون لاين» الإلكترونية، أوضحت أن التحقيقات في قضية بيكر، تحركت في عام 2008، على خلفية ظهور آثار لعاب يخص بيكر على مغلّفات رسائل كان قد تلقّاها أعضاء في المنظمة الثورية. لذلك، بعد التحقيقات، صدرت مذكرة اعتقال في 26 آب 2009 بحق الناشطة اليسارية السابقة، إلى أن أطلق سراحها خلال أعياد الميلاد الأخيرة بشروط، إذ رأت المحكمة الاتحادية أنه لا خوف من هروبها. وأشارت إلى أن بيكر لم تقم إلا بمساعدة مشتبه بهم في القضية، بخلاف ما ذكرته المحكمة العليا في شتوتغارت.
أمّا صحيفة «دي تسايت» (الوقت)، فتحدثت عن تسوية بين الوزير السابق شويبله وخلفه الحالي توماس دي ميتسيري، تقضي بإبقاء الملفات سريّة، بينما لفتت صحيفة «فرانكفورتر الغيماينة» إلى أن كلاً من الوزيرين ينتمي إلى الاتحاد المسيحي الديموقراطي، الذي ينظر بعدائية تاريخياً إلى المنظمة السابقة.
وكانت بيكر محل اشتباه في هذه القضية منذ عام 1977، بعد أشهر قليلة من اغتيال بوباك. وفي عام 1989 حصلت على عفو وخرجت من السجن. ثم أُعفيت من تنفيذ بقية العقوبة. ومن نيسان 2008 حقق الادعاء العام الاتحادي مرة ثانية في احتمال مشاركة المرأة في قتل بوباك، بعد قضية التحقيق في «لعاب الرسائل»، لذلك أعيدت في آب 2009 إلى السجن وفتح ملف التحقيق من جديد.
الرؤساء الألمان استجابوا لنحو ثماني طلبات استرحام من معتقلي المنظمة
وفي الواقع، فإن قضية اغتيال بوباك، قد أعيدت إلى الأضواء عام 2007، حين تحدثت صحيفة «شتوتغارتر ناخريشتن»، عن أن «ما يُناقَش هو: من الذي أطلق الرصاص على النائب العام؟ ومن الذي شارك في التخطيط للجريمة؟ ومن الذي ساعد في الهرب؟». وأضافت أن الأدلة الجديدة «لن تغير من حجم عقوبات المعتقلين، حيث إنهم جميعاً قد ارتكبوا جرائم قتل».
وسط هذه المناخات، أشارت صحيفة «برلينر مورغن بوست»، إلى إطلاق سراح عضو المنظمة اليسارية السابقة، كريستيان كلار، المتهم في قضية قتل بوباك أيضاً، والمدان أيضاً بتسع جرائم احترافية و11 محاولة قتل، ما استدعى معاقبته بالسجن مدى الحياة أمضى منها 26 عاماً في الاعتقال.
ومن بين التهم التي وجهت إلى كلار، الذي يبلغ عمره اليوم 58 عاماً، «اختطاف رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني آنذاك، في السبعينيات، هانز مارتن شلاير وقتله، بالإضافة إلى قتل بوباك ورئيس مصرف «دريسدنر» يورغن بونتو. تهم صدرت في عام 1985.
في أي حال، عادت إلى الأضواء في السنوات الثلاث الأخيرة قضية الجيش الأحمر اليساري الثوري، الذي كان يؤمن بالعنف طريقاً للتحرر وإرساء مبدأ العدالة الاجتماعية، وذلك في إطار الحديث عن إفراج مبكر بحق قيادية سابقة في المنظمة، تدعى بريجيتا مونهاوبت، كانت قد أُدينت بارتكاب أعمال إرهابية واختطاف وقتل في سبعينيات القرن الماضي. وقضت نحو 24 سنة من فترة العقوبة قبل أن يتقدّم الادّعاء العام الألماني في مطلع العام 2007، بطلب إلى المحكمة العليا في شتوتغارت بإطلاق سراحها وتحويل بقية فترة العقوبة من حكم تنفيذي إلى حكم مع وقف التنفيذ.
كذلك، قضت محكمة فرانكفورت المحلية في آب 2007، بإطلاق عضوة الجيش الأحمر السابقة، إيفا هويله، البالغة من العمر اليوم 56 عاماً، بعدما قضت 21 عاماً في السجن. وأعلنت مصادر المحكمة آنذاك أنها حوّلت فترة العقوبة الباقية من الحكم الصادر على هويله من حكم واجب النفاذ إلى حكم بالسجن مع إيقاف التنفيذ، وذلك بعدما حُكمت عام 1994 بالسجن مدى الحياة، لإدانتها بالضلوع في قتل ثلاثة أشخاص في الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية الأميركية الجوية في فرانكفورت في الثامن من آب 1985.
والجدير بالذكر، أن الرؤساء الألمان، استجابوا لنحو ثماني طلبات استرحام تقدّم بها أعضاء سابقون في المنظمة، وجرى بموجبها إطلاقهم.
وقد تفيد الإشارة هنا، إلى أن منظمة «RAF» أو ما عُرف بمنظمة «بادر ـــــ ماينهوف» تأسست على أيدي مجموعة من الطلبة اليساريين وسط تظاهرات ضد الحرب في فيتنام. وتزعم المنظمة الصحافية أولريكه ماينهوف وأندرياس بادر، الذي أُطلق من الاعتقال بعملية مسلّحة في عام 1970.