بول أشقرخاص بالموقع- للمرة الأولى في تاريخ الثورة الكوبية، لم يأخذ الكلام أي من الشقيقين كاسترو في 26 من تموز، تاريخ الهجوم الفاشل على ثكنة مونكادا عام 1953 الذي يُعَدّ شرارة الثورة. ولم يظهر فيديل بعد إطلالاته العامة المتعددة، ومنها مرة بالبزة العسكرية خلال الشهر الأخير، وكان الحاضر ـ الغائب الكبير. وقد استقبل في النهار نفسه المطرب الكوبي سيلفيو رودريغيز (أحد كبار مغني الثورة، وقد طالب أخيراً بإطلاق المعتقلين الـ52). وغابت أيضاً كلمة راوول لشرح معالم المرحلة الحاضرة التي تجتازها كوبا، ويبدو أنه وفّر كلمته للأول من آب، بداية دورة مجلس النواب. الغائب الآخر هوغو تشافيز، الذي لم يحضر بسبب قطع العلاقات بين فنزويلا وكولومبيا وبسبب الخشية من أن يستغل غيابه لارتكاب الأعظم، وكان من المفترض أن يتكلم على سيمون بوليفار واحتفالات المئوية الثانية للاستقلالات في أميركا اللاتينية، وقد وضع احتفال هذه السنة تحت جناحهما. وكان من المتفق عليه أنّ موضوع إطلاق المعتقلين الـ52 ومترتباته على الوضع الداخلي أو على العلاقات الخارجية لن يعكر معنى الاحتفال الذي يرمز إلى الانتفاض على الوضع القائم. فاستقرت الكلمة الأساسية على عاتق نائب رئيس الدولة، خوسي رامون ماشادو الذي يصوّر عادة بأنه ممثل عن الحرس القديم الأرثوذوكسي. ما قاله ماشادو، كما كان متوقعاً، كان شرحاً لنمط تعاطي الفكر العقائدي مع الواقع المتحرك. وبغياب موضوع المنشقين، خلا خطابه من مقارعة أحد. بهذا المعنى، فهو خطاب للرأي العام الموالي. إلا أنّه يسمح لمن يدقق بتحديد المساحة المتفق عليها بين الفريق الحاكم بمن فيهم المحافظون. بعدما حيا ماشادو الموجودين والغائبين، سيمون بوليفار وخوسي مارتي وتشي غيفارا وفيديل «وتعافيه لا يسعد فقط الرجال والنساء في هذا البلد، بل كلّ تقدميي العالم»، وبعدما جدد تضامن الجزيرة مع فنزويلا وندد بالقواعد الأميركية المنتشرة في كولومبيا التي تهدد أمن المنطقة وسلامها بأكملها»، انتقل إلى الأزمة الاقتصادية، وهو موضوع أساسي في الجزيرة، لا بل الموضوع الأساسي. ولم يبدأ ماشادو من غيره: أسباب «الظروف الصعبة التي يواجهها شعبنا بعمله الدؤوب» ثلاثة: الأزمة الاقتصادية العالمية التي «نعاني نتائجها من دون أن يكون لنا أية مسؤولية في إحداثها» والحصار المفروض منذ أكثر من 50 سنة والآثار المعيشية للتغييرات المناخية. وبعد الأسباب، انتقل إلى النتائج: «توفير الطاقة» و«تقليص المصاريف في قطاعات التعليم والصحة من دون تراجع النوعية». والأهم «الاستمرار في دراسة وتحليل وأخذ القرارات التي تسمح بتخطي نواقصنا من خلال حلول غير شعبوية وديماغوجية وغاشة». وربما أكثر ما يقترب من الوضع الحالي: «لن ننجر وراء الصحافة الأجنبية، سنستمر بمسؤولية، خطوة خطوة، على الإيقاع التي نحدده لأنفسنا، بدون ارتجال ولا تسرع، لئلا نخطئ ولكي نترك وراءنا أخطاءً أرتكبناها أو حلولاً لم تعد مطابقة مع تطور الأشياء». وختم ماشادو قائلاً: «اليوم نجدد الالتزام بالتمسك بمبادئنا وبتغيير ما يجب تغييره في هذه اللحظة التاريخية، لكن دون الخضوع للضغوط الخارجية أو مقايضة سيادتنا أو التخلي عن حلم واحد من أحلامنا للعدالة في كوبا وباقي العالم».