معارضة بنكهة «عنصرية» ضدّ خطط لإقامة مركز إسلامي في ناشفيلواشنطن ــ محمد سعيد
انتشرت «عدوى» فوبيا المساجد من نيويورك، حيث تكثر حملات معارضي بناء مركز إسلامي قرب موقع هجمات 11 أيلول، إلى تينيسي، الأمر الذي يطرح، كما تقول صحيفة «واشنطن بوست»، تساؤلات عما إذا كانت المشاعر والاتجاهات العامة حيال المسلمين فى الولايات المتحدة قد تغيّرت.
فإلى جانب الجدل الذي فجّره قرار بناء مركز قرطبة الإسلامي في مانهاتن، تفجّر جدل جديد ومعارضة قوية في مدينة ناشفيل ـــــ تينيسي، حيث يوجد نحو 25 ألفاً من سكانها من المسلمين، بشأن خطط لإقامة مركز إسلامي في مورفريسبورو، يبعد مئات الأميال عن نيويورك، ونحو 30 ميلاً عن مدينة ناشفيل.
وقالت «واشنطن بوست» إن الجالية المسلمة في ناشفيل تؤدي صلاتها بهدوء منذ 30 عاماً في عدد من الأماكن المؤقتة، مثل غرفة بطابق أرضي أو مكتب أرضي، ولم يُثر ذلك انتباهاً يذكر، حتى بعد وقوع هجمات 11 أيلول. وأضافت إنّ ردّ الفعل جاء قوياً إزاء اقتراح إقامة مركز إسلامي مساحته 52900 قدم مربّعة مزوّد بمدرسة وحمّام سباحة. وتجمهر المعارضون لهذا الاقتراح بالمئات، وحمل البعض لافتات تقول بعضها «أبقوا على تينيسى خالية من الإرهاب».
ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في الهندسة المعمارية، صالح سبيناتي، الذي يتولى الإشراف على البناء المزمع للمسجد، قوله «لم نشهد مثل هذا المستوى غير المسبوق من العداء. هذا أمر جديد على الولايات المتحدة». لكن هذه المشاعر العدائية لم تتوقف على ناشفيل، بل انتشرت من كاليفورنيا إلى فلوريدا خلال الشهور الأخيرة.
رفع مرشح للانتخابات لوحة بالقرب من ناشفيل تقول «الهزيمة للجهاد العالمي الآن»
وقد تحوّل مركز مورفريسبورو الإسلامي إلى قضية سياسيّة ساخنة خلال الانتخابات التمهيدية، التي تجري في هذا الشهر في الولاية، ما دفع المرشح الجمهوري رون رمزي إلى التساؤل عمّا إذا كان الإسلام «عبادة»، فيما تكلّف مرشح آخر ثمن لوحة عالية وُضعت فوق الطريق السريع الرقم 24 بالقرب من ناشفيل تقول «الهزيمة للجهاد العالمي الآن».
وتساءل المبشّر المسيحي بات روبرتسون الخميس الماضي في برنامجه التلفزيوني عما إذا كانت سيطرة المسلمين على أميركا باتت وشيكة، وعما إذا كان يمكن رشوة المسؤولين المحليّين. وأشارت «واشنطن بوست» إلى استطلاع أجرته مجلة «تايم» الأميركية عن «الإسلام في أميركا»، وقد أظهر أن 43 في المئة من الأميركيّين لديهم آراء غير ودية حيال المسلمين. وتحدّثت أيضاً عن استطلاع مركز «بيو» للأديان والحياة العامة، الذي أشار إلى أن أكثر من 20 في المئة من الأميركيّين يعتقدون أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما مسلم.
وفي نيويورك لم يهدأ الجدل حول إقامة مركز إسلامي بالقرب من الموقع السابق لبرجي مركز التجارة العالمي، حيث تظاهر المئات من مؤيّدين ومعارضين. وردّد المعارضون شعارات ضدّ الإسلام، وحملوا لافتات كُتبت عليها كلمة «شريعة» باستخدام حروف حمراء تبدو كأنها تقطر دماً.
وحفلت خطابات المعارضين بهجوم شرس على الدين الإسلامي، واتهامه بدعم الإرهاب واضطهاد غير المسلمين. وأعلنوا أنهم سيضغطون على نقابات عمال البناء لعدم بناء المركز، وذلك بعد إعلان رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ تأييده للبناء.
وفصلت الشرطة المجموعتين في مكان غير بعيد عن الموقع المقترح لبناء المركز الإسلامي المكوّن من 13 طابقاً. كذلك فرّقت في إحدى الطرق الفرعية مجموعة تحمل رسوماً تظهر الرجم والضرب والتعذيب.
وفي الجهة الأخرى من زاوية الشارع، رأى المؤيّدون، وهم من أنصار الحقوق المدنية، أنّ في تصاعد الهجوم على المشروع توجّهات عنصرية. وهتفوا «لا يعنينا ما يقوله المتعصبون. الحريّة الدينية باقية هنا إلى الأبد».
ودافع القائمان على المشروع عن اختيار الموقع. ولم يستبعد أحدهما اختيار موقع آخر لبناء المسجد، فيما رأى الإمام فيصل عبد الرؤوف أن تسليط الأضواء على المشروع شيء إيجابي. ويقوم عبد الرؤوف حالياً بجولة في المنطقة بدعم من وزارة الخارجية الأميركية للحديث عن الجالية المسلمة في أميركا.