strong>جمانة فرحات تجاوز شريكا الحكم في السودان أزمة تعيين الأمين العام لمفوضية استفتاء الجنوب من دون أن يتمكنا من التغلب على جميع خلافاتهما بشأن الاستفتاء، وفي مقدمتها الانتهاء من ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وسط محاولات أميركية حثيثة للعب ضمن ما بقي من مهلة زمنية فاصلة عن موعد التاسع من كانون الثاني المقبل، على أمل تحقيق اختراق يضمن إنجاز الاستفتاء في موعده، ويحول دون تفجر الأوضاع الأمنية على الحدود.
وبعد جولة من المفاوضات الماراثونية، تخللتها تهديدات من قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان باللجوء إلى إعلان أحادي للانفصال، اتُّفق بين الأخيرة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم على اختيار الدبلوماسي محمد عثمان النجومي لشغل منصب أمينها العام، لتستكمل عملية تعيين أعضاء مفوضية استفتاء الجنوب.
اتفاق أتى بالتزامن مع إعلان مؤسسة الرئاسة السودانية، التي تضم الرئيس السوداني عمر البشير إلى جانب نائبه الأول، رئيس حكومة السودان، سلفاكير ميارديت، والنائب الثاني علي عثمان طه، تعديل المهل الزمنية الخاصة بالإعداد للاستفتاء.
وعلى الرغم من تقليص مدة تسجيل الناخبين، المرجح أن تبدأ مطلع الشهر المقبل، من ثلاثة أشهر إلى 45 يوماً والموافقة على المراقبة الدولية التي سيكون للأمم المتحدة دور أساسي فيها، إلا أن التأخر في التصديق على تعيين النجومي زاد من تباطؤ إطلاق أعمال المفوضية على الأرض.
تأخر يتزامن مع وجود مشاكل عالقة سيؤدي العجز عن التفاهم عليها إلى تأزم الأوضاع، وليس أقلها عدم اكتمال ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب.
ومن هذا المنطلق، أتى اتفاق مؤسسة الرئاسة السودانية على تأليف لجنة سياسية للإشراف على ترسيم الحدود، بعدما فشلت اللجنة التقنية في حسم ترسيم 20 في المئة من الحدود، معظمها مناطق تقع على طول الخط الفاصل بين جنوب دارفور وغرب بحر الغزال، وتكمن خطورتها في كونها مركزاً تاريخياً للصراع القبلي، فضلاً عن غناها بالثروات النفطية والمعدنية، ما يجعل كلا الطرفين يحاول التمسك بها.
وتشهد منطقة أبيي، المقرر أن تخضع بدورها لاستفتاء يحدد من خلاله سكانها رغبتهم في البقاء ضمن الشمال أو الالتحاق بالجنوب في حال الانفصال، تأخراً في إنشاء مفوضيتها الخاصة.
وتؤدي القبائل، وتحديداً المسيرية العربية ونجوك دنكا، دوراً رئيسياً في تحديد هوية المنطقة مستقبلاً، على اعتبار أن القبيلتين تمثّلان المكون السكاني الرئيسي للمنطقة، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يخرج عدد من قيادات الحركة الشعبية متهمين حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتمويل استيطان 75 ألفاً من رجال قبيلة المسيرية في أبيي بهدف تغيير الطبيعة الديموغرافية قبل موعد التصويت. وفيما ينفي حزب المؤتمر الوطني الحاكم الاتهامات، تراها مصادر دولية مرجحة، لكن مع التشكيك في دقة أرقام الحركة الشعبية.
ووسط الخلافات بين الشريكين، كثفت الولايات المتحدة من جهودها الدبلوماسية لإحراز تقدم ملموس يضمن الالتزام بموعد الاستفتاء، بعدما أيقنت أن جهود مبعوثها الخاص إلى السودان، سكوت غرايشن، الذي يزور السودان حالياً، ليست كافية.
واستغلت الولايات المتحدة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة للترتيب لمؤتمر عن السودان في الرابع والعشرين من الشهر الجاري يتوقع أن يحضره الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وتشعر الحركة الشعبية أن الاجتماع سيكون لمصلحتها نظراً للعلاقة الوطيدة التي تربط قياداتها بعدد من مسؤولي الإدارة الأميركية، وفي مقدمتهم المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس.
كذلك يظهر جدول أعمال سيلفاكير في القمة الدولية، الذي يتضمن لقاءً مع أوباما، توجه الحركة لاستغلال المؤتمر لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على وفد حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يرى في الاجتماع فرصة للحصول من واشنطن على ما يستطيع، ولا سيما أن الإدارة الأميركة لم تستبعد حتى اللحظة خيار الجزرة من تعاملها مع الحزب الحاكم.