تفاقم عمليات خطف الرهائن الفرنسيين بات مرتبطاً بعوامل عدة، لعل أبرزها التوجه السياسي العام الذي فرضه الرئيس الفرنسي اليميني نيكولا ساركوزي
بسّام الطيارة
الحرب المكشوفة التي تعيشها فرنسا مع الإرهاب في الساحل الأفريقي لها أسباب كثيرة متداخلة ومتشابكة تطال السياسة الإقليمية في منطقة شمال أفريقيا والسياسة الفرنسية تجاه العالم العربي عموماً، لا شق السياسة الداخلية الذي يحاول البعض الإشارة إليه.
الصراع يعود إلى سنوات عديدة سابقة. فتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» نابع من الجماعة السلفية للدعوى والقتال الجزائرية التي تناصب فرنسا العداء لأسباب تاريخية وإيديولوجية.
إلى جانب ذلك، أقام تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» علاقات تعاون وتحالف مع عدد من منظمات الطوارق المتمردة التي تطالب بحصة من إيرادات الثروة المعدنية التي تُستَخرَج من مناطقها. وبالطبع، ثمة أهداف إجرامية. إذ إن العديد من المجموعات الصغيرة تسعى فقط وراء الفِدى، فهي تخطف للحصول على فدية أو «تبيع» الرهائن لمنظمات لها أهداف سياسية ووزن عسكري أكبر. بالطبع لا تنطبق هذه الحالة على مأساة الرهائن الحاليين.
إذ يرى الخبراء أن عملية الخطف اليوم تدخل في إطار صراع مباشر بين «أبو زيد» الجزائري وباريس. فبعد مقتل سبعة عناصر من تنظيم القاعدة نتيجة الهجوم العسكري الفاشل الذي قامت به القوات الموريتانية بمساعدة القوات الفرنسية، هدد أبو زيد بالانتقام، وها هو يخطف سبعة عاملين في الشركة الفرنسية «أريفا» التي تستخرج اليورانيوم، ولو أن اثنين منهم ليسا فرنسيين. بالطبع، سجل تنظيم القاعدة انتصاراً في أول جولة، تمثّل بـ«سعي باريس إلى التفاوض». ويرى عدد من المراقبين أن «هذا الإعلان كان المطلب الأول للخاطفين». وقد نفذه الفرنسيون، وبالتالي فإن نشر صورة «الرهائن أحياءً» كان الثمن المطلوب مقابل تنفيذ هذا الشرط. إلا أن أكثر ما يتخوف منه المراقبون هو «محاولة أبو زيد استفزاز ساركوزي» بأن يلجأ إلى لعبة أعصاب عوضاً عن لعبة القط والفأر. فمن المعروف أن أبو زيد يضع نصب عينيه «الأهداف السياسية» ويقدمها على الأهداف المالية، بعكس مختار بلمختار (بلعور أبو العباس) الذي يركز على الفدى. ومن هنا، فمن المستبعد في الوقت الراهن إعطاء ساركوزي الأمر بعملية عسكرية. وبالتالي فإن الخيارات الفرنسية محدودة جداً بسبب عدد الرهائن من جهة بعد «إثبات أبو زيد» بجريمة قتل ميشال جيرمانو أنه قادر على «سفك دماء الرهائن». إضافة إلى أن المعلومات الاستخبارية تفيد بأن تنظيم القاعدة يتحصن في جبال وعرة صعبة المسالك ولم يعد المجموعة البسيطة المعزولة. أضف إلى ذلك أن الخيار العسكري يفرض على باريس إجلاء المنطقة، أي سحب الآلاف من التقنيين والعاملين في القطاعات الإنتاجية المناجمية الاستراتيجية. ما يبقي فقط أمام السلطات الفرنسية خيار متابعة عمليات الاستقصاء والبحث والاستعداد في ظل «فتح حوار مع المختطفين».