لكل عائلة ألبوم يجمع صورها. ألبوم يكتنف بين دفتيه صور العائلة ويغلق عليها باب الزمن لكي تنام الذكريات بهناءٍ دون أن توقظها رياح النسيان. الصورة، بلاغة الإيجاز، تفصح عمّا يعجز عنه الكلام المعرّض دوّما للعثمة. تعرف حقيقة العائلة عندما تقلّب في ألبوم صورها وليس عندما تزور منزلها. يصدف أن ألبوم صور «عائلة البلاد الكبيرة» قاتمٌ وملطّخ بالسواد. مهما أكثرت من تصفّحه فلن تجد وجهاً ضاحكاً ولا ابتسامة رقيقة. كلّما أمعنت في صوره مالت المشاعر إلى التماهي مع حدّة الألوان: من أحمر نافرٍ يجلب الكرب إلى أخضر قميء يثير القيء. صور شادي الحاج في «ألبوم العائلة» والذي يشبه أعمال الملصقات، وثبة في هذا العالم المجبول بالمأساة، وتصوير لما يجب فعله مع ذاكرةٍ قلقة، تسعى للتخلص من خطايا ماضيها لكنها في الوقت عينه عاجزة عن النسيان. هي مشاكسة مع الماضي انطلاقاً من الحاضر. عمل شادي الحاج مركب، يجمع صوراً فوتوغرافية لشخصيات حقيقية كانت تؤدي دور البطل في زمن الحرب الأهلية اللبنانية إلى جانب قصاصات وعناوين صحفٍ تعود إلى تلك المرحلة.لكن ما تريد أن تقوله لنا صوره منقولٌ في ما نخاله عدسة أو مكبر رؤية بيد أنها مرآة هشّمتها يد أرادت القطيعة مع تاريخ «عائلتها» وفضّلت أن ترى الماضي بنظرة زائغة عوضاً عن أن تكون رؤيتها واضحة وفجّة على شاكلة أخبار ومشاهد القتل والمجازر. فصورة القناص الذي تظهره المرآة ليست استحضاراً له كما أنها لا تعني خروجه من ماضيه، إنما هي بورتريه مكثفة له، لما يعنيه وجوده بشكله الخام، في سياقٍ بترت عنه فصاحة الحجج وإطناب الكلام. هكذا يبدو لنا: مجرم يريد قنص كل من تقع عليه عيناه، واستذكار سيرته لا يحث الحنين ولا يوحي بالبطولة.
بين الصورة كما جاءت عليه وتأويلنا لها، يلعب شادي الحاج على هذه الثنائية تحديداً، آخذاً من المرآة المهشّمة وسيطاً ذا غاية ورسالة، كأنها استجابة لمقولة ماكلوهين: «الوسيط هو الرسالة». على هذا النحو، يلج شادي الحاج إلى أرشيف «العائلة» مثل طفل صغير، ويمزّق المشاهد ويبعثر الأخبار، عسى أن ينتبه الأهل لأهمية تخريبه. (نص بول مخلوف).

«ألبوم العائلة» شادي الحاج