هذا الغريب، الذي يقاومُ سرسبةَ الأيامِ بابتكارِ السِّبابِ الجديدة، وسنِّ أنصالهِا، لا أذكرُ له أبداً... أنه ذَكَرَ الله، إلا في حال وجود هجمةٍ خطيرة، على الفريق الذي يشجعُه.يتبادل بشكل بدائي - يستدعي تذكر نظام المقايضة - ابتساماته، تنظيرات فلسفية عميقة، الإفيهات المستحدثة، قصيدة رديئة لُفِّقت سهواً... وعفويته بعد الكأس الرابع، بقبلة، من أي إنسان تمت إجازته فيسيولوجياً... كأنثى.
الخطبة العصماء التي ألقاها الصيّاد المتوحّد، على حفنة سكارى في البار الشعبيّ، كانت على درجة من الإقناع بحيث فكرتُ جدياً في خوض التجربة، واتِّباع وصاياه، كحواريٍ غرّ، يفتدي بسنوات التنبلة والندوات العقيمة، عقيدتَه اليافعة...

الوصية الأولى

أنتما الآن في المنزل، الجدران تستر شبقَك، افتتح الكلام إذن كأيّ مثقف، واشرح لها حالة الديجافو التي تمر بها، تكلم عن:
الفيلم، الذي انتزع جل جوائز «الأوسكار»، الكولاج، كعامل مشترك بين النصوص الشابة، الغرافيتي، الذي غزا جدران المدينة،
ورواياتك المفضلة، التي لاعلاقة لها بقوائم البست سيللر. واحرص – في معرض كلامك - على أن تذكر تروتسكي، وأندريه جيد؛
لأن لرنة أسميهما، وقع مهيج.
لكن...
لا تشرد؛ لن يقتضي الأمرُ منك التنظيرَ حولَ هارموني الحروف، ووقعِها على الأذن، لأنك بذلك، تشق صدرَكَ يا يعقوب، وتتواطأ على نفسك، فاحذر.

الوصية الثانية

هناك عشرات التكنيكات المجربة، لجس النبض، يعرفها حتى مدربو الناشئين. وأنت... كرأس حربة محترف، يتعين عليك أن تَشِمْها في ذاكرتِك، وتستدعيها عند الحاجة. أنا لن أفصِّلها لك هنا، ربما عليك أن تقرأ في علم المواعدة، «الديتنغ تيبس» يا صديقي. جرِّب مثلا «اختبار القبلة».. مرر يدك على شعرها بشكل يبدو عفوياً، بعد ذلك، تكون القبلة حلالَك؛ طالما أن الأمواجَ في شعرهِا، لم تُجفِل، أو تبلّل يدَك.

الوصية الثالثة

مهمتك الآن، تفكيك النقاط الحصينة. فدرّب كلّ عقلةٍ كفصيلٍ انتحاريّ، لا يضمن عودته أبداً.

الوصية الرابعة

للكلمة، التي ليست سوى ذبذبات تطلقها حناجرنا - تأمل بشاعة كلمة «حنجرة»- تأثيرٌ خرافيّ، يقتربُ من تأثيرِ اسم الله الأعظم.
فمنذ أزمنةٍ غابرة، كانت التعويذةُ جوهرَ الطوطم، وكما تقول الكلاسيكيات السماوية: «في البدء كانت الكلمة» بالتالي؛ اشحذ قاموسك، وارجم جدران التمنُّع، بكل ما يطالَه لسانُك.
الوصية الخامسة
أخشى أن تكونَ نصيحتي متأخرة: لاتتجاوز أبداً ربعَ قرصِ ترامادول. أصلاً... لا تبلعه، إلا لو اقتضى الوهن.

الوصية السادسة

راهن على نفسك، وتجاهل كُرَاتِ الحزن. كل أسئلتِك الوجودية ستبقى بلا إجابات، وقد يشرُم الكمدُ روحَك. زلازلُكَ الداخلية لا تُرصَد على مقياسِ ريختر، لن تراها تزيّن شريطَ الأخبارِ -أسفل الشاشة- مكللة بالخسائر وأعداد الضحايا، وعليه... استعد، ودلّل حيوانك الأليف، فالضباع –بطبيعة الحال- لاتشغلْ نفسهَا بالانتسابِ لحزب، أو الدعاية لأيديولوجيا بعينِها.

الوصية السابعة

إثباتاً لقداسةِ الرقم سبعة؛ هذه الوصية متروكةٌ لك. هي حقلُ تجاربِك الخاصة، كل ثقوبِ الأرض لك، فتروَّ، وانصهر...

الوصية الثامنة

بعد سبع وصايا، تمتلأ بطونُ أفرادِ الفصيلةِ الكلبية، تحديداً... المتوحدينَ منهم، فتبهتُ ألوانُ كانت ترتسمُ براقةً على قزحّيتِك قبل أن تملَّها طبيعة الصيّاد المتوحّد.
ويُستحب هنا، وفقاً لمراجع لن أوثِّقها أبداً أن تؤصل في نفسك قيم المدينة، وتقدّم الجيفة المتفضّلة، قرباناً، لإله الوضاعة.

الوصية التاسعة

لا يقُاسُ على الاستثناء. هذه قاعدةٌ بلا استثناءات، ووفقاً لدورة حياة هذهِ السلالة، ستعاودُك الأعراضُ التي سبقت الوصيةَ الأولى، فأعد إنتاج تاريخِك، والتزم الوصيةَ الأولى.
لا تنتحبْ لو شعرتَ أنك حشرةٌ مجّنحة، تنجذبُ من دونَ إرادتِها، لصاعقِ الذباب؛ صوت طرقعاتِ زملائِك الذين انفجروا بـﭭولتٍ زائد، سيغذي روحَك، ويدفعْك لتكوينِ مناعةٍ، ضدَّ الصواعق.

الوصية العاشرة

الزمْ النهج، كراديكاليِّ مُتطرِف لا يتورعْ عن: تفجيرِ نفسِه، أو العيشِ في تورا بورا!
وبشِّرْ بالرِسالة، كمسيحٍ عصْريِّ، يُنشِئ صفحةً لرسالتِه على الفيس بوك، ويتواصل مع أفرادِ حملتِه/ حوارييه بالــ آي باد.
منطقْ الأمور، لا مانع من أن تخلطَ الأوراق، كأي محامٍ بنكْلة، يعرضُ خدماتِه الرخيصة، أمام المحاكم.
اِزعم... أنك من اتباعِ ديوجين الكلبيِّ، وأنك تبتغي مجاراةَ الطبيعة، للوصولِ إلى الفضيلة، بينما تُخفي ذيلَك المنتصب سعادةً خلفَ ظهرِك.
عاقِرْ الشعرَ، واقترفْ كلَ خيالاتِ الحب، النزقُ – في أحدِ وجوهِهِ - فضيلةٌ كبرى، والتجريبُ روحُ العصر... اكتبْ قصصاً طريفة على طريقة محمد مستجاب، على أن تكونَ إجاباتُك على أسئلةِ القراء، فصيحةً، وتتسمُ بالبديهة، تماماً مثلَ «هانك مودي».
واكفُرْ، بكلِ ما يُشاعُ عن أن الشراهةَ خطيئة، ليست هناك خطايا أصلاً؛ على الأرجح... هي دوغما متوارثة، يَسهُل تفكيكُها بالمنطق.
* كاتب مصري