نيويورك| ترأس نائب مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، حركة التمرد الدبلوماسية ضد العقيد معمر القذافي في الأيام الأولى من الثورة الحالية، مفتتحاً، وبقية أعضاء بعثة ليبيا في الأمم المتحدة وعدداً من البعثات في أوروبا، عملية العصيان الدبلوماسي على دكتاتور طرابلس، لكن الدباشي تجاوز هؤلاء الآخرين في ملاحقة مجلس الأمن الدولي من أجل عقد جلسات مشاورات طارئة تكللت بإصدار القرار 1970 فجر الأحد الماضي. قرار وضع النظام الليبي تحت الملاحقة من جانب محكمة الجنايات الدولية، ووضع ليبيا تحت الفصل السابع، وسمح بتجميد أموال القذافي وعائلته ومساعديه، وبتفتيش وسائل النقل الليبية ضمن آلية منع استيراد السلاح أو تصديره.
خطوات ضغطت كثيراً على النظام، إلا أنها كانت موضع انتقاد، إذ عدّها البعض تفريطاً بالسيادة لمصلحة الأجنبي. اليوم يحق لأي دولة تفتيش الشحنات الآتية إلى ليبيا، حتى لو كانت إسرائيل. ومن المؤكد أن وضع دولة ما تحت هذا الفصل (السابع) أسهل بكثير من رفعه عنها، كما برهنت التجربة العراقية، غير أن الدباشي يستبعد أي صعوبة في خروج بلاده لاحقاً من تحت الفصل السابع، ويقول لـ «الأخبار» «الوضع في ليبيا مختلف تماماً عن الوضع في العراق. هنالك شعب للأسف يُقتل على يد حاكمه. وعندما يتحقق الانتصار سيكون الشعب الليبي كله على قلب واحد. ونحن ليست لدينا طوائف أو خلافات. هذه الانتفاضة وحّدت الجميع وأظهرت أن هناك كفاءات ليبية عالية ومثقفين. الشعب متعلم، لكنه كان مدفوناً بفعل هذا الطاغية».
الدباشي يتوقع نصراً حاسماً سريعاً على العقيد معمر القذافي، الذي «لن يفلت من يد الشعب أو يتمكن من خوض حرب عصابات ضد النظام الجديد، رغم اتساع مساحة ليبيا وانفتاحها على الدول الأفريقية والعربية المجاورة، وتمتعه بمال وفير». ويتابع «نحن واثقون بأنه لن يفلت، لأنه ليس لديه أنصار بالمعنى الحقيقي. لديه مرتزقة ومأجورون، لكن ماله لن يدوم طويلاً. وإذا شعروا بأنه ليس لديه مال فسينسحبون تباعاً. المسألة مسألة وقت وسنرى مفاجآت في الأيام المقبلة».
وأكد الدباشي أن «القذافي لديه حاويات من النقد الأجنبي ومن السبائك الذهبية كانت قد هُربت في الثمانينيات من طرابلس إلى الجنوب. ونعلم أنه كان يعدّها لمثل هذا اليوم. ومن غير المستبعد أنه سيحاول استغلالها إلى أقصى حد ممكن، لكن إذا واصل شراء المتظاهرين والمرتزقة بها كما يفعل الآن، فأعتقد أنها لن تدوم له طويلاً».
ويؤكّد نائب المندوب الليبي أن استقبال أيّ دولة للقذافي ورجاله «لن يكون على حساب العدالة والقصاص طبقاً للقانون». ويقول «نشجع كل الدول على أن تجد له مخرجاً، لكن الشعب الليبي معروف بتسامحه. وفي النهاية القانون يجب أن يطبّق. وإذا كان مسؤولاً عن جرائم، وأعتقد أنه مسؤول عن جرائم ضد الإنسانية، فهذه جرائم لا تسقط بالتقادم، ويجب أن يحاسَب عليها بالقانون. الشعب لن يعامله كما عامل هو الشعب الليبي في السابق، بل سيعامله وفقاً للقانون».
ويحذر الدباشي من أنه في حال مواصلة القذافي العناد، فإنه سيتعرض لملاحقة مزدوجة من الشعب ومن المجتمع الدولي. ويعرب عن معارضة الشعب الليبي لأيّ تدخل عسكري أجنبي على الأراضي الليبية، مستثنياً الحشود البحرية الحالية قبالة الساحل الليبية «إذا كانت تهدف إلى مساعدة الشعب الليبي، كأن تلجأ إلى شل الاتصالات بين القذافي ووحداته من المرتزقة، فذلك شيء جيد وسيساعد الشعب الليبي».
ويبدي الدباشي ثقة بـ «تحقيق نصر حاسم وقريب على العقيد وأنصاره». ويقول «شعبنا بالكامل ثائر ضد العقيد القذافي، ومن بقوا معه، فإما من المرتزقة أو من الليبيين الذين أغدق عليهم من المال ما يبقي ولاءهم له. وبعض ممن يواصلون القتال معهم هم من اللجان الثورية المتورطة في الكثير من الأعمال الإجرامية». ويشير إلى «مبالغ تدفع لأيّ متظاهر يظهر في صورة تشير إلى سيطرة القذافي على المدن الليبية، لكن ليس لدى القذافي أي فرصة ولو واحداً في المئة لكي يبقى في السلطة. فالشعب مصر على التخلص منه سلماً أو حرباً، لكن تشبّثه بالسلطة هو فقط لكسب الوقت. ونهايته ستكون كارثية».
ولا يستبعد الدباشي لجوء القذّافي إلى استخدام أسلحة كيماوية ضدّ الشعب. ويقول «كل شيء ممكن. هذا رجل مجنون ويمكن أن يستخدم كل شيء، لكنه إذا استخدمها فستلحق به أيضاً الضرر. مع ذلك يتصرف القذافي أحياناً خارج نطاق العقل والمنطق، وكل شيء ممكن. إذا كانت لديه أسلحة كيماوية ذات نطاق تأثير محدود فمن الممكن أن يستعملها».
ويؤكّد الدباشي أن حكم القذافي ارتكز طيلة أكثر من أربعة عقود على الخوف، «كرّس الإرهاب ضد شعبه، كرس الاضطهاد والعنف. فبنى جداراً عالياً جداً من الخوف، وكاد الشعب الليبي يصل إلى مرحلة اليأس قبل أن يتخلص من الدكتاتور، الذي لا يتوانى عن ارتكاب أيّ نوع من الجرائم من أجل الاحتفاظ بالسلطة، لكن الثورات تفجّرت في العالم العربي بدءاً من تونس، فقال الليبيون لأنفسهم: إذا كان التونسيون والمصريون شجعاناً، فنحن لسنا أقل شجاعة منهم. شعبنا كان يكافح الإيطاليين بإمكانات أقل من الإمكانات المتوافرة لديه في الوقت الحالي».