«نحن معك». هو شعار الحملة الإعلانية التي أطلقتها قناة lbci قبيل ولادتها في عام 1985، وكانت تجدّده سنوياً احتفالاً بذكرى تأسيسها. حفظت أجيال من المشاهدين تلك الجملة التي تقول في مضمونها «نحن معك، وكنا معك، نفرح معك، نحزن معك. lbci معك». جُيِّر ذلك الشعار لاحقاً ليدخل اللعبة السياسية، ويخضع لتعديلات عدة تماشياً مع الأوضاع السياسية السائدة، آخرها قبيل التظاهرات التي عاشها البلد عام 2019. يومها، شدّت القناة اللبنانية على يد المتظاهرين وركبت موجة «الثورة والثوار»، لكنّها لم تطبّق العبارة الشهيرة، بل على العكس. هذا ما نراه اليوم مع عملية الصرف الجماعي التي جرت في الأسبوعين الأخيرين، وأدّت إلى صرف أكثر من 15 شخصاً حتى كتابة هذه السطور. ومن المحتمل أن يرتفع الرقم، بحسب المعلومات المتداولة.
(محمد نهاد علم الدين)

في هذا السياق، تكشف المعلومات لنا أنّ القائمين على lbci بدؤوا عملية صرف للموظفين من الأقسام كافة. وتوضح المصادر أنّ غالبية المصروفين هم من قدامى الشاشة الذي يديرها بيار الضاهر، وأكثريتهم من المصوّرين الذين التحقوا بها قبل تأسيسها، وأبرزهم المصوّر سمير بيتموني الذي انضم إلى القناة في عام 1985. ومن المعروف أن بيتموني يُعدّ من أبرز المصوّرين اللبنانيين، وأصيب مرات عدة أثناء قيامه بواجبه المهني على مدار أكثر من 40 عاماً. في المقابل، توضح المعلومات أنه تم إغلاق قسم الـ call center (قسم السنترال) بعد تصفية موظفيه الإثنين وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة (راجع الكادر أدناه)، إلى جانب أسماء أخرى لم يكشف عنها.
على الضفة نفسها، تلفت المعلومات إلى أنّ الوضع في القناة اللبنانية لا يختلف عن باقي المؤسسات الإعلامية المحلية التي تعيش تخبّطاً لافتاً منذ عام 2019، بعدما باتت الشاشات رهينةً للأطراف السياسية الداخلية والخارجية. كما يعاني موظفوها من الرواتب المنخفضة التي لا تتخطى الـ 1000 دولار أميركي، وقد فقدت قيمتها مع ارتفاع سعر الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية. وتشير المصادر إلى أنّ القناة تعيش حالياً مرحلة تخبّط، كانت قد بدأت في الأعوام الخمسة الأخيرة. وقد أدّت هذه الأزمة إلى تغييب برامجها الناجحة وباتت lbci تتكّل على البرامج الممولة من أطراف سياسية كانت شريكة في أزمات البلد، وتحديداً من قبل الـ NGO. وفتحت تلك البرامج هواءها لأولئك المتموّلين وحاولت تلميع صورتهم. كما عاشت الشاشة قبل أشهر موجة استقالات لمقدمي نشراتها، آخرها استقالة ريمي درباس التي التحقت بقناة «العربية - الحدث» التي تتخذ من السعودية مركزاً لها. كما قدّم المذيع مالك الشريف استقالته قبل أسابيع، على أن يطل عبر القناة العراقية التي ستنطلق قريباً من مدينة أربيل.
في السياق نفسه، تلفت المصادر إلى أنّ إدارة lbci تتحجج بأن عملية الصرف جاءت نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها البلد. مع العلم أنّ التمويل السعودي والإماراتي لم ينقطع أبداً عنها، بل ارتفع في الأعوام الماضية. وبرز ذلك بوضوح مع تغطيات lbci للأنشطة الفنية والترفيهية والثقافية التي تشهدها المملكة العربية السعودية. أنشطة تتولاها المراسلة رنيم بو خزام بتغطيتها لها مباشرةً على الهواء. وتكشف المعلومات أن عملية الصرف الجماعي ستتواصل، لتشمل 20 في المئة من مجمل عدد الموظفين، أي ما يقرب من 60 موظفاً من إجمالي عدد الموظفين الذي يتخطى الـ 200. وهذا الرقم لا يستهان به، بل سيشكل كارثة حقيقية، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة يمرّ بها البلد وصورة ضبابية حول مستقبل الصحافة في لبنان.
ارتفاع المصروفين ليشمل 20 في المئة من إجمالي عدد الموظفين

وتتساءل المصادر عن المعلومات الإيجابية التي حاول رئيس مجلس إدارة lbci بيار الضاهر توزيعها على موظفيه عندما أقام لهم حفلة عشاء في نهاية العام الماضي، معلناً عن بحبوحة مالية ستنعكس إيجاباً على الموظفين! وتشير المصادر إلى أنّ الوضع في القناة قد اختلف بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، مع تسلّم جوي بيار الضاهر دفّة المحطّة، وبدء الصراع داخل المؤسسة بين الموظفين القدامى والجدد. أما من ناحية التعويضات، فلم تتوصل القناة حتى كتابة هذه السطور، إلى اتفاق مع المصروفين، بينما يجري الحديث عن دفع ستّة أشهر فقط للمصروفين. من جانبه، يلفت مصدر من lbci يرفض الكشف عن اسمه، بأنّ الصرف طال مجموعة قليلة من الموظفين، نافياً ارتفاع عددهم، ومؤكداً أن الخطوة جاءت نتيجة الأزمة الاقتصادية. ويشير المصدر إلى أنّ معظم المصروفين وصلوا إلى السنّ التقاعدي، لافتاً إلى أنّ المصروفين من ذوي الاحتياجات الخاصة لن تتركهما المؤسسة وحدهما حتى لو أصبحا خارجها.



«التشحيل» لم يرحم ذوي الاحتياجات الخاصة
في إطار حملة تشحيل الموظفين، قررت lbci إقفال قسم «السنترال» (call center) لديها، وتحويل مهامه إلى موظف الاستقبال. هكذا، أبلغت إدارة المؤسسة بذلك الموظفَين اللذين يشغلانه، وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة. مع العلم أن أحدهما وصل إلى عتبة التقاعد والموظفة الثانية تجاوز عمرها الخمسين عاماً. جاء القرار من دون أن توضح المحطة لهما أسباب الصرف. صحيح أنّ الصرف التعسفي لم يكن حكراً على قسم «السنترال» وطاول أقساماً أخرى، لكن التخلّي عن اثنين من ذوي الاحتياجات الخاصة بهذه الطريقة كان مباغتاً، ولم يراعِ احتياجات الموظفَين وحاجتهما إلى عمل يتناسب مع وضعهما، وكذلك حاجتهما إلى التأمين الصحي في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة. ولم يبدُ واضحاً إلى أي مدى ستلتزم إدارة القناة بتسديد مستحقات المصروفين التي وعدت بها، مع الأخذ في الحسبان من توفي من الموظفين ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن غادر منهم ويُضاف إليهم من صُرف حديثاً. ووفقاً لما تقول مصادر لنا، ظلّ اثنان فقط من ذوي الاحتياجات الخاصة في المحطة، وهذا يخالف «قانون حقوق الأشخاص المعوقين» 220/2000 الذي ينص في المادة 74 على ضرورة التزام كل مؤسسة خاصة يفوق عدد أجرائها الـ 60 أجيراً، استخدام ذوي الاحتياجات بنسبة 3% على الأقل من مجموع عدد أُجرائها.