تخيّلوا مجموعة كبيرة من الناس تعاني قلقاً جماعياً دائما، مجموعة كبيرة جدا تشعر بالخوف في مواجهة تهديد مقبل لا يمكن تجنّبه! تخيلوا مجتمعا قلقا وخائفا باستمرار! هذا ما يفعله الارهاب المتنقل. ارهاب يريد اخضاع المجتمع كله وجعله رهينة. في الضاحية الجنوبية لبيروت، والهرمل - تلك المدينة عند حافة الوطن، وطرابلس العاصمة الثانية، يسود الخوف ويتعاظم في ظل دولة ضعيفة لا ثقة بقدرتها على حماية الناس.
هذا الشعور الإنساني المحض يبدو حتى الان رد الفعل الوحيد على مسلسل الموت الاخذ بالانتشار. انه الخوف، الذي لا يمكن كبته، حتى لو كابر بعض الناس في عدم إظهاره، انه التعبير عن غريزة البقاء. الخوف من المجهول الذي قد يأتي في أي لحظة ويخطف ارواحا كثيرة، في تفجير انتحاري او سيارة مفخخة او اشتباك مسلح هنا أو هناك. في الضاحية ارتفعت الدشم وأكياس الرمل أمام بعض المحال، تحصناً من الموت الفجائي. لقد تغير الكثير في نمط عيش المواطنين. الهرمل تحذو حذو الضاحية، بعدما زارها «الانتحاري» مرتين، فضلاً عن عشرات الصواريخ المجنونة. طرابلس تموت سريرياً، بعد سنوات على غياب الأمن عنها. اللبنانيون
خائفون، منهم من يجاهر ومنهم من يكابر، لانهم كلهم ضحايا مفترضون. ضحايا متروكون بلا عون او حماية. المهم الا يعتادوا هذا الخوف. لكي لا يعتادوا هذا العنف. ففي خوفهم امل بانفجار من نوع آخر. انفجار يعيد الحياة الى هذه الشرايين المتصلبة