سيبقى البعض مصرّاً على تسويق نموذج يسمّيه الآن «الشراكة مع القطاع الخاص»، بوصفه خلاص اللبنانيين من «دولة فاشلة». لن يعير المسوّقون أي أهمية لما حصل على الطريق إلى مطمر الناعمة - عين درافيل. سيعتبرونه خطأً في التطبيق، وليس في النظرية. لكن ما حصل يكشف، في الواقع، طبيعة النموذج نفسه المستمر منذ سنوات طويلة، مهما تغيّرت تسميته «الفنية»: نموذج «ليس هناك بديل»، المتعارض كلياً مع فكرة «الديموقراطية»، وهي لا تقوم، أساساً، إلّا على تعدد الخيارات، وبالتالي وجود «بدائل».
ليس هذا كلاماً كبيراً في معرض تناول حدث «صغير». ما حدث يمكن تكبيره (قدر ما تشاء) عند وصله بسلسلة لا تنتهي من الأمثلة والشواهد والأدلة على أن «الدولة» موجودة بالفعل، على عكس ما يُشاع. إلا أن وجودها بات مقتصراً على أداء دور «مقدّمة الخدمات» للمافيات.هذا «النموذج»، الذي استخدم «القمع» الأمني السافر أمس لإنهاء اعتصام «سلمي» يناصر منطق «الدولة» ضد منطق «الشركة»، هو نفسه الذي طرد أكثر من 135 ألف نسمة من وسط بيروت وصادر البحر
والشاطئ والأنهار وقمم الجبال والمغارات والمواقع التاريخية وخدمات الصحة والتعليم والنقل والاتصالات، وقوّض فرص العيش والعمل والدخل والسكن، وحوّل كل الأراضي إلى مرتع للمضاربات... هذا النموذج له دولة تمتلك أنياباً