أثارت تصريحات الرئيس ميشال عون المنشورة في «الأخبار» أمس، اهتمام جهات محلية وخارجية، خصوصاً لناحية تفاؤله بقرب تشكيل الحكومة. وحصلت مراجعات مع مقرّبين من القصر الجمهوري، ليتبيّن أن التفاؤل غير واقعي على الاطلاق، وأن الرئيس عون لا يريد ان يتم تحميله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة.وذكرت مصادر دبلوماسية ان المشكلات تنوعت بين صراع خفي على الصلاحيات وصراع على حصة «القوات اللبنانية» الوزارية. وقالت المصادر إن الرئيس المكلف سعد الحريري صارح الرئيس عون بأنه لا يمكنه السير في حكومة لا تلبي طلبات «القوات اللبنانية»، وان الحريري سمع جواباً مفاده أنه يجب أن يتحمل مسؤوليته، وأن يبادر الى طرح تشكيلة ويعرضها على المجلس النيابي لنيل الثقة. وقالت المصادر إن الرئيس عون شدد امام الحريري على عدم امكانية ربط حاجات ومصالح البلاد بمطلب قوة سياسية معينة، وإنه لا يمكن للبلاد الانتظار وقتاً طويلاً.
لكن الذي طرأ، أمس، هو الكشف عن شكوى الحريري من محاولات النيل من صلاحياته في عملية تشكيل الحكومة، وان الرئيس عون كما التيار الوطني الحر يحاولان فرض أعراف في سياق استعادة غير دستورية لصلاحيات رئيس الجمهورية، سواء لجهة احتكار مناصب مثل نائب رئيس الحكومة أو الحصول على ثلث المقاعد الوزارية من ضمن الحصة العونية.
وعلمت «الأخبار» أن شكوى الحريري لاقت صدى في أوساط سياسية تنتمي الى الطائفة السنية، وهي التي قررت تجاوز ملاحظاتها على أداء الحريري، وتحركت للتضامن معه تحت عنوان حماية صلاحيات وموقع رئاسة الحكومة، ورفض العودة إلى ما قبل اتفاق الطائف. ومن ثم تبيّن أن هذه المجموعة تلقّت طلبات من السعودية والامارات ومصر بالوقوف الى جانب الحريري، قبل أن يتوجه سفراء الدول الثلاث الى إبلاغ الحريري مباشرة أنهم سيقفون الى جانبه لمنع إدخال أي تعديل على اتفاق الطائف، مع تشديد سعودي ـــــ إماراتي على عدم السير في حكومة لا تتمثل فيها القوات اللبنانية بحسب ما تريد، أو أن يجري العمل على محاصرة النائب وليد حنبلاط من خلال خروقات في التمثيل الدرزي.
وقرأت المصادر هذه التحركات بأنها وسيلة جديدة لتأخير تشكيل الحكومة ومحاصرة الحريري بطلبات من شأنها تأخير التأليف. وردت المصادر الأمر الى أن الجهات الخارجية الداعمة لقوى 14 آذار تعتقد أن المناخ ليس مؤاتياً لإعادة تجديد التسوية التي رافقت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.
من جهة ثانية، علمت «الأخبار» أن الرئيس الحريري تبلغ من القوات اللبنانية عدم ممانعة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر إسناد حقيبة سيادية للقوات من ضمن الحقائب الأربع التي يفترض أن تسند إليها، وأكد الحريري لمن راجعوه أن حقيبتي الداخلية والمالية محسومتان له وللرئيس نبيه بري، وبالتالي يصبح الأمر رهن تخلي التيار الوطني الحر عن إحدى حقيبتي الدفاع والخارجية.
وعلم أن الحريري تلقّى إشارة من التيار الوطني الحر بأنه لا يمانع في حصول القوات اللبنانية على حقيبة وزارة الخارجية!