منذ بدء هذا الوباء قبل أكثر من عامين، ونحن جميعاً بمختلف اختصاصاتنا ومجالاتنا، نتعلّم عن هذا الفيروس الطارئ، ونكتشف المزيد كُلّما ازدادت أعداد الإصابات، والمتحوّرات، وكُلّما مرّ المزيد من الوقت. وما تُظهره الدراسات حتى الآن، هو أنّنا لا نزال في بداية الطريق في فهم تبعات هذا الفيروس، خصوصاً تلك على المدى البعيد.
نشرت مجلّة «nature» العلميّة الأسبوع الماضي، بحثاً يُعتبر الأوّل من نوعه، أجرته الباحثة والأستاذة في العلوم العصبيّة في جامعة أكسفورد، غوينايل دوايد، وفريقها البحثيّ، على بيانات من أكثر من 700 مريض من قاعدة بيانات البنك الحيوي للمملكة المتحدة (UK biobank).

قارنت هذه الدراسة بين صور الرنين المغناطيسي للدماغ (brain MRI) قبل وبعد الإصابة بفيروس كورونا، إضافة إلى مقارنة صورتين خلال الفترة نفسها لمجموعة أخرى لأشخاص لم يُصابوا بالفيروس. وتمّ استثناء المرضى الذين احتاجوا للاستشفاء من الدراسة، لأنّ الباحثين أرادوا دراسة تأثير الفيروس على بنية الدماغ لدى الأشخاص الذين أُصيبوا بعوارض مُعتدلة ولم يحتاجوا للاستشفاء.

أظهرت النتائج الأوليّة للدراسة تلفاً بنسبة أكبر لدى من أصيب بالفيروس مُقارنةً بمن لم يُصب، في المادة الرماديّة في مناطق الدماغ المتعلّقة بحاسّة الشمّ، والمناطق المُرتبطة بالجهاز الحُوفيّ (limbic system) الذي يُشارك في تخزين الذاكرة وله وظائف أُخرى مُتعلّقة بالتفاعل العاطفي.

ولكنّ الجدير بالذكر هو أنّه من غير الواضح إذا كانت هذه التغيّرات في بنية الدماغ مُستدامة أم مؤقّتة، وهو ما يُمكن أن تُعالجه دراسات أُخرى لاحقة، تتابع هذه الصور على مدى أطول.

الواضح هو أمرٌ واحد: لا يزال أمامنا الكثير لفهم هذا الفيروس ـــ ومتحوّراته، جيّداً، ولإدراك جوانب جديدة من تبعاته طويلة الأمد.