بدأت آثار الهبوط الحاد في أسعار النفط تلقي بثقلها على الاقتصاد السعودي مع اصابة قطاع المقاولات بأولى الارتدادات مع توقع أن تطال الازمة قطاعات اخرى مع الوقت. بعض شركات المقاولات في المملكة العربية السعودية تكافح منذ مدة لتسديد رواتب موظفيها في الوقت المحدد، حتى وصل الحال بكبريات الشركات الى التأخر في صرف الرواتب لمدة تجاوزت الثلاثة اشهر. وزارة العمل السعودية كانت قد اصدرت منذ ايام وفي خطوة غير مألوفة بياناً أكدت فيه متابعتها لما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن عدم التزام عدد من المنشآت بدفع الأجور لعامليها، ومن ضمنها إحدى المنشآت العملاقة. ويشير البيان الى ان الوزارة تابعت الأمر، وتأكد لها صحة هذه الشكاوى، "وقامت في حينه باتخاذ الإجراءات النظامية بحق هذه المنشأة العملاقة لعدم التزامها بدفع الأجور لعامليها، وتم إخضاعها للتفتيش والمتابعة من قبل الوزارة".
تحفظت الوزارة عن ذكر "المنشأة العملاقة" بالاسم. إلا ان الشركة المعنية وفق ما بات معلوماً وثابتاً ليست سوى "مجموعة بن لادن" احدى اكبر شركات المقاولات في المملكة.
الاضواء المسلطة على "مجموعة بن لادن" وخاصة بعد حادثة سقوط الرافعة في الحرم المكي والذي اسفر عن مقتل 107 اشخاص، لا تكف لحجب حقيقة أن ما تعانيه هذه الشركة العملاقة لم تسلم به شركات اخرى لها وزنها في قطاع المقاولات في المملكة ولو لم يصل الأمر الى حد الانفجار الإعلامي.
أبرز الشركات التي طالها ولا يزال الشح المالي هي شركات المقاولات التي تنفذ مشاريع ممولة من الحكومة السعودية. فهذه الأخيرة وفي إطار سعيها لمواجهة التراجع الدراماتيكي في اسعار النفط، الذي يشكل الركيزة الاساسية للاقتصاد السعودي، وذلك من خلال الحد من الإنفاق الذي انعكس سلباً على قطاع المقاولات الذي يعتاش وبشكل كبير وأساسي على الأعمال والمشاريع الممولة من الحكومة.
المدة المرتقبة لتسليم المشاريع لم تسلم بطيبعة الحال من الأزمة التي يعاني منها قطاع المقاولات حيث يتوقع ان تعجز الكثير من الشركات عن تسليم مشاريع في الأوقات المحددة والمتفق عليها. التقطير في الانفاق الحكومي حتّم صرف النظر عن المشاريع التي لا تكتسب أهمية قصوى والتركيز على ما هو محوري وأساسي.
اللافت انه ومقارنة بالتباطؤ الاقتصادي الأخير الذي عرفته المملكة العربية السعودية عام 2009 قامت الحكومة بزيادة المبالغ المدفوعة سلفاً للمطورين العقاريين كي تضمن تنفيذ المشاريع واستمرارها وتحول دون انقطاعها. أما حالياً واضافة الى ان الكرم الحكومي لم يتكرر، فان وزارة المالية السعودية قامت بتخفيض نسبة الدفعة الأولى للشركات التي تنفذ أعمالاً لصالح الحكومة من 20% الى 5%.
من ناحية أخرى، فإن المصارف في المملكة بدأت تستشعر المخاطر المحدقة بقطاع المقاولات في ظل سعي عدد من الشركات الى إعادة جدولة ديونها، ما قد يدفعها الى تجنب منح قروض وتسليفات للشركات العاملة في هذا القطاع.