قديمةٌ هي حكاية الاتحاد الأوروبي مع الرعاية الصحية في لبنان، وتحديدا مع الراعي الأبرز لمهمات الإسعافات الطارئة أي "الصليب الأحمر اللبناني". كَبُرت هذه الحكاية وتطورت مع تطور الاحتياجات والمتطلبات، إلى أن أصبح هذان الطرفان شريكين "على الحلوة والمرّة"، وفي تقديم الرعاية الصحية لكلّ المقيمين على الأراضي اللبنانية على نحوٍ متطور نسبة إلى المعايير العالمية.أحد المشاريع التي يموّلها الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تحسين الإسعاف والطوارئ عبر إنشاء غرفة عمليات متطورة لخط الطوارئ 140، وتطوير خدمة نقل الدم، وتحسين أوقات الاستجابة للحالات الطارئة، ودعم مراكز الصليب الأحمر وتوفير المعدات، بالإضافة إلى تدريب المتطوعين وغيرها من الاحتياجات.

الإسعاف وخدمات نقل الدم: سرعة وجودة
يقوم الصليب الأحمر بنقل حوالي 140 ألف حالة طارئة في السنة. ويقضي الهدف الأول للإسعاف في المدى الطويل بتلبية ما لا يقل عن 80% من المهام الطارئة بأقل من 12 دقيقة. وبحسب نائب الأمين العام للصليب الأحمر نبيه جبر فإن تحقيق هذا الهدف كان يحتاج إلى غرفة عمليات قوية تحدّد الأولويات، وتعمل على إرسال سيارة الإسعاف الأقرب وتساعدها على الوصول إلى المريض. ومن خلال العمل الذي أُنجز مع الاتحاد الأوروبي، استطاع الصليب الأحمر تطوير غرفة عمليات مركزية للإسعاف والطوارىء تلبّي كمّاً كبيراً من الطلبات وتجيب عن أكبر عدد من الاتصالات يومياً.
أما الهدف الثاني من الإسعاف فهو تحسين الجودة، وقد استطاع الصليب الأحمر تدريب نصف مسعفي لبنان حتى الآن على كيفية تطوير ما يُعرف بـ “تقرير المريض الإلكتروني" للتأكد من تطبيق البروتوكولات الإسعافية الصحيحة."

نقل الدم: 42 ألف وحدة دم سنوياً
بحسب التقديرات، "يحتاج لبنان سنوياً بين 100 و130 ألف وحدة دم، كان الصليب الأحمر يؤمّن منها 19 ألفاً و500 وحدة في عام 2017. وقد استطاع مضاعفة العدد بحيث وصل إلى 42 ألف وحدة دم سنوياً العام الماضي. ومن خلال دعم فريق حملات التبرع بالدم، يتركّز الهدف حالياً على الوصول إلى 80 ألف وحدة دم، حتى لا يبقى أي مريض في لبنان في حاجة إلى وحدات دم، ولهذه الغاية، يتم العمل حالياً على بناء برنامج "متبرع الدم الدائم"، أي الشخص الذي يستطيع أن يتبرع بالدم مرتين أو أكثر في السنة، إلا أن ذلك يحتاج إلى آليات واضحة وفريق عمل وحملات توعية...
أما فيما خصّ جائحة كورونا، فقد ساعد الاتحاد الأوروبي في تأمين حوالي 285 ألف قطعة من الملابس الوقائية أو ما يعرف بالـ PPE، كما موّل تحسين العزل في سيارات الإسعاف التي وصل عددها إلى 67".

غرفة عمليات الإسعاف والطوارىء تستقبل نصف مليون اتصال في السنة
استُكمل عمل الاتحاد الأوروبي مع الصليب الأحمر بتطوير غرفة عمليات الإسعاف والطوارئ المركزية للصليب الأحمر 140، والتي ساهمت في إحداث نقلة نوعية وتغيُّر جذري في مفهوم الإسعاف والطوارئ بشكل عام، وتالياً الصليب الأحمر والمريض، وذلك بحسب نائب مدير فرق الإسعاف والطوارىء في الصليب الأحمر حسن سعد، الذي يشير إلى أن الغرفة تتلقى يوميا حوالي ثلاثة آلاف اتصال، في حين أن الاتصالات وصلت الى 4 آلاف في ذروة كورونا، واستطاع الصليب الأحمر بفضل التجهيزات الكافية استيعاب كل هذا العدد، كما بات بإمكانه اليوم جمع البيانات وتحليلها، ومعرفة عدد الاتصالات التي ترد يومياً وأوقات الذروة، بالإضافة إلى برنامج يخوّله معرفة الوقت المحدد للوصول إلى المريض حسب المنطقة الموجود فيها.
تُدير غرفة عمليات الحازمية التي هي من ضمن 4 غرف 55 % من العمل الإسعافي للصليب الأحمر، وتغطي بيروت وجبل لبنان حيث الكثافة السكانية هي الأعلى. وقد موّلها بالكامل الاتحاد الأوروبي من خلال الصندوق الائتماني الأوروبي "مدد" لناحية المعدات والتدريب ورواتب المتطوعين، وهي تضم أحدث تجهيزات مراكز الاتصالات في العالم.
حققت هذه الغرفة نتائج إيجابية مهمة، فصحيح أنها لثلاثين مستقبل اتصالات، ولكنها تستقبل نصف مليون اتصال في السنة"، وقد حافظ الصليب الأحمر من خلال مساعدة الاتحاد الأوروبي ودعمه على آداء مميز طوال الفترة الماضية، وهو يطمح إلى تجديد العقد للمحافظة على هذا النجاح. "

تجربة مستقبل الاتصالات في غرفة العمليات المركزية
مهنة مستقبل الاتصالات هي من الأصعب، بحسب ما يشرح المشرف في غرفة العمليات المركزية في الصليب الأحمر ثروة حلبي، لأن الشخص يتعرض فيها لضغط نفسي كبير، فمهامه لا تقتصر على مساعدة المريض عبر إرسال سيارة إسعاف، بل تتعداها إلى التخفيف من خوف المتصل، وتتألف كل فرقة مستقبلي اتصالات في غرفة العمليات من عشرة أشخاص، تتناوب عليها ثلاث فرق يومياً، وهم يخضعون للتدريب بشكل مستمر.
عانى المتطوعون في هذه الغرفة في الفترة الأخيرة من أزمات متتالية هي تداعيات الأزمة الاقتصادية وتظاهرات 17 تشرين، وجائحة كورونا وانفجار المرفأ، إلا أن العمل كفريق متكامل، ساعدهم في تجاوزها، بالإضافة طبعاً الى أن هذه الغرفة مجهزة بأحدث التقنيات والمعدات
تقوم مهام مستقبل الاتصالات بتقييم حالة المريض عبر طرح أسئلة مبنية على أساس بروتوكولات عالمية طبية مكتوبة من شأنها أن تقيّم الحالة، طارئة كانت أو باردة، وذلك بالتأكد من وعي المريض، وتنفسه وتغيير لونه. وعندها تتم مشاركة المعلومات مع مراكز الصليب الأحمر المنتشرة على الأراضي اللبنانية، ويتم تحديد أولوية إرسال سيارة الإسعاف بالسرعة المطلوبة.
يعاني لبنان اليوم من عدد من الأزمات التي تتطلب مساعدة شركائه لتخطيها. فكما يساند الاتحاد الاوروبي الصليب الاحمر، يدعم أيضاً عدداً من المبادرات والمشاريع في قطاعات حيوية عدة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا