المواطن، مجدّداً، ضحية قرارات تُتخذ على حساب أمنه الاجتماعي. كثير من اللبنانيين اليوم حائرون: ما حقيقة ما يجري على صعيد القروض المدعومة من مصرف لبنان، لا سيما تلك المتعلقة بقروض السكن المعروفة بالـ«إسكان»؟ ما الذي سيجري مستقبلاً لحالات كثيرة تنتظر الإجابات لتبدأ حياة جديدة بتفاصيل عديدة.
عيّنة من لبنانيين قدّمت طلبات للاستفادة من قروض الإسكان، تقف اليوم حائرة أمام مشهد ضبابي. مواطنون وضعوا خططهم على أساس الموافقة التي حصلوا عليها، فإذا بهم يُفاجأون بتعثّرها، ما دفع البعض منهم إلى تأجيل موعد الزواج الذي يتوقّف على تأمين «بيت الأحلام». أمّا البعض الآخر، فبدأ يُفكّر بمصدر تمويل آخر علّه يعوّض رفض طلب كان من المفترض تقديمه مؤخراً فتأجّل نتيجة البلبلة المرافقة لموضوع الإسكان.
على رغم الطمأنة التي رافقت طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «تأمين صرف القروض السكنية التي التزمت المصارف دفعها الى أصحاب الطلبات، على أن يتواصل بعد ذلك مع الجهات المعنية بالقروض السكنية لوضع حلول تضمن استمرارية هذه القروض وفقاً للقواعد والأصول المعتمدة»، إلّا أنّ جولة سريعة على المواطنين تُظهر استمرار القلق لديهم. فمن يضمن تأمين صرف المصارف لها بعد العرقلة الأخيرة ورمي الكرة في ملعب «الدولة»؟

أجّل كثيرون مواعيد
الزواج بانتظار ما ستؤول
إليه أزمة الإسكان

وكان سلامة أشار إلى أنّ المصرف المركزي «أعطى المصارف مبلغ نصف مليار دولار في شباط الماضي للقروض السكنية، وفقاً للكوتا المخصّصة لكلّ مصرف، بهدف إعطائها للراغبين في شراء شقق سكنية. إلّا أنّ هذا الدعم استهلك خلال شهر، نتيجة الطلب غير المسبوق على شراء شقق سكنية، إضافة إلى أنّ ثمة مصارف أعطت تعهدات أكثر من الكوتا المُخصصة لها، وطلبنا تنفيذ التزاماتها على أن تدخل بعد ذلك القروض المالية المعنية في رزمة الدعم لعام 2019».
فكيف تلقّف أصحاب طلبات القروض ذلك؟ وكيف بات اللّبناني يُخطّط لامتلاك منزل خاصّ به؟

ريتا خوري (25 عاماً):

«كنا نُخطّط لدفع الدفعة الأولى من بيتنا الزوجيّ المستقبليّ، ولكن لن نتمكّن من ذلك حالياً مع أننا حضّرنا الأوراق المطلوبة نظراً لتخوّفنا من رفض الطلب الذي أردنا تقديمه إلى مصرف الإسكان بعد حوالى شهرين أو ثلاثة أشهر. سنضطرّ الآن إلى ادّخار المال للدفعة الأولى وهو ما يتطلّب فترة عامّ على الأقلّ، وللأسف سنؤجّل زواجنا لحين توفّر هذا المبلغ (كان من المفترض أن نتزوّج في 18/8/2018). لن نعتمد على أي مصدر تمويل اليوم، بل سننتظر ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً، على أمل أن تُحلّ الأزمة العام المقبل. ولا أثق بالحلّ الذي تمّ التلويح به مؤخراً».

أحمد موسى (موظّف تقنيّ في محلّ هواتف):

«قدّمت طلباً للحصول على قرض إسكان في أحد البنوك الخاصة فتمّ إبلاغي بوقف الطلب، مع العلم أنّ الخبير كشف على المنزل الذي دفعت لمالكه مبلغ 10000$ دفعة أولى وباشرت في عملية تأهيله بعد أن حصلت على إذنه وتسلّمته. كما اشتريت الأثاث في انتظار نقله إلى البيت، وإذ بي أُصدم بالنتيجة. أنا في انتظار بوادر للحلّ. موعد زفافي سيتأجّل حتماً في حال عدم حصولي على المبلغ المنتظر. كما أنّ المالك سينتظر شهرين أو ثلاثة كحدّ أقصى، وللأسف لم أجد أي حلّ بإمكانه تدارك الأسوأ».

سامر ديب (موظف إداريّ):

«انتهى بي الأمر باستئجار المنزل الذي أردت أن أشتريه! فبعد أن سدّدت الدفعة الأولى وعدم تمكنّي من تسديد المبلغ في المهلة المحددة، رفض المالك تسليمي المنزل بعدما أصرّ على احترام المهل القانونية، ولم يقبل حتى بإرجاع ما دفعت له، فتمّ الاتفاق على استفادتي من الشقة عبر استئجارها، وهو ما عارضته، ولكن رضخت لإرادته خوفاً من خسارة المبلغ الذي جهدت لجمعه».

موظّف في الجمارك (فضّل عدم ذكر اسمه):

«تأثرت بشكل مباشر بأزمة قروض الإسكان. وقّعت على السند التمثيليّ ووافق المصرف على المبلغ وأُبلغت بأنني سأحصل عليه بعد يومين. وكان ينقص فقط توقيع العقود، ولسوء الحظّ، تمّ الإعلان عن وقف الدعم فتوقّف كلّ شيء، مع العلم أنّني طلبت مفتاح المنزل من صاحب الملك الذي وافق بكلّ رحابة صدر وبدأت بتأهيله بعد إتمام الدفعة الأولى. ولا بدّ من الإشارة إلى أني استدنت هذه الدفعة من شخص سيُطالب قريباً بالمبلغ كوني وعدته بتسديد الدين فور تسلّم قرض الإسكان. إنها مصيبة بكلّ ما للكلمة من معنى. أتلقى اتصالاً يوميّاً من صاحب المشروع يسأل عن موعد تسلمه ثمن الشقة الواقعة في عرمون، فمدة عقد البيع الممتدة على فترة أربعة أشهر قد انتهت. هي المرة الأولى التي أتابع فيها النشرات الإخبارية كاملةً في محاولة لتلقي خبر قد يُفرح قلبي. الصرخة واحدة والوجع واحد من العسكري كما من المدني. على أمل الحلّ القريب».