توصّلت الدول المشاركة في مؤتمر «كاتوفيتسه» للمناخ (كوب 24) في بولندا إلى توافق لمواجهة ظاهرة التغيّر المناخي، يعيد الحياة إلى اتفاق باريس للمناخ الذي أُبرم عام 2015. وبعد مفاوضات ماراتونية استمرّت أسبوعين في مدينة كاتوفيتسه، اتفق، أخيراً، ممثّلو نحو 200 دولة - بدا وكأنّها تجاوزت الخلافات السياسية - على تفعيل اتفاق باريس، الذي يهدف إلى الحدّ من ارتفاع متوسط درجات حرارة الأرض لأقلّ من درجتين مئويتين، مقارنةً بمستويات عصر ما قبل الصناعة. في ختام المؤتمر، حُدّدت قواعد الاتفاق الذي استغرق إعداده 3 سنوات، وتمّ إدراجها في كتيّب من 156 صفحة. وهي قواعد تتّسم ببعض المرونة حيال الدول النامية، وتحدّد خصوصاً كيفية إبلاغ الدول ومراقبة تعهّداتها بالحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وتحديث خطط الانبعاث.البيان النهائي لرئاسة «كوب 24» رحّب، في ختام المحادثات أمس (السبت)، بالنتائج التي جاءت «في الوقت المناسب»، ودعا «الأطراف إلى استغلالها»، مشدداً على أهمية خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بمعدّل النصف قبل حلول عام 2030.
من جانبٍ آخر، رأى رئيس المحادثات البولندي، مايكل كورتيكا، أن «وضع برنامج عمل لاتفاق باريس مسؤولية كبيرة»، مؤكداً أن «الطريق كان طويلاً، وفعلنا كل ما في وسعنا حتى لا نخذل أحداً».

قواعد «بلا طموحات»
في مقابل ذلك، لم يسلم الاتفاق، الذي يعتقد الموافقون على بنوده أنه سيُلزم الأطراف الموقعة على اتفاق باريس بتخفيض معدل انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، من انتقاداتٍ رأت بأنه «ليس طموحاً بما يكفي» لمنع الآثار الخطيرة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض. فبرغم الوضع الملحّ، لم تقطع الأسرة الدولية وعوداً بمزيد من الخطوات والسرعة لتنفيذ بنود الاتفاق في إطار مجابهة ارتفاع حرارة الأرض. واعتبرت بعض الدول، التي تواجه الآن فيضانات مدمّرة وجفاف بسبب التغيّر المناخي، أن حزمة القواعد التي تم الاتفاق عليها «تنقصها الطموحات الجريئة» لخفض الانبعاثات. في إطار الانتقادات، سعت الدول النامية للحصول على توضيحات أكثر من الدول الغنية حول كيفية تمويل المعركة ضد التغيّر المناخي، وضغطت من أجل ما يسمى إجراءات «العطل والضرر»، أي أن تدفع الدول الغنية الأموال لتلك الفقيرة من أجل مساعدتها على مواجهة تأثيرات تغيّر المناخ. وهو أمر طالب به رئيس الوفد المفاوض لتكتل مجموعة الـ77 للدول النامية والصين، السفير المصري وائل أبو المجد، قائلاً إن قواعد الاتفاق «أحالت حاجات الدول النامية الطارئة للتكيف مع التغيّر المناخي إلى وضعية من الدرجة الثانية».
كذلك، رأت المديرة التنفيذية لمنظمة «غرينبيس»، جنيفر مورغان، في مقررات المحادثات «انقساماً غير مسؤول يضع البلدان الصغيرة والفقيرة في مواجهة مع هؤلاء الذين قد يعيقون العمل المناخي، أو الذين لا يتحرّكون بالسرعة الكافية بطريقة غير أخلاقية».