وهران | «لا أحب الحديث في السياسة، لكنّني أرفض ما يتعرّض له شعبي من تقتيل في الشوارع» بهذه اللهجة تكلّمت الفنانة السورية جومانا مراد عن الأحداث التي تجري في بلدها، خلال زيارة دامت 24 ساعة فقط إلى الجزائر، من أجل المشاركة في «مهرجان وهران للفيلم العربي»، الذي يُختتم اليوم الخميس. مراد التي تشارك في فيلم «كفّ القمر»، الذي يُعرض ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في المهرجان، حضرت برفقة الوفد المصري على رأسه مخرج الفيلم خالد يوسف. وقالت لـ «الأخبار»: «أنا هنا في الجزائر، رغم حديث بعضهم عن مقاطعة سوريا لكل التظاهرات العربية، فالفنان لا وطن له، ولو استمعنا إلى نداءات السياسيين لما أقمنا مهرجانات فنية أبداً» (راجع الكادر).
النجمة السورية أكّدت أيضاً أن مشاهدها في شريط «كف القمر» ليست جريئة، مضيفة «لا أبحث عن الإغراء، كما أنّ ما يستحق النقد هو المشاهد الجريئة غير المبرّرة درامياً، وأتحدى جميع من شاهد دوري في فيلم خالد يوسف أن يتهمني بإثارة غرائز الجمهور». علماً أنّ الممثلة تجسّد في العمل شخصية لبنى، الفتاة الفقيرة التي تعمل في مصنع للملابس، وترتبط بقصة حب مع خالد صالح، لكنّ شقيقه (حسن الرداد) يقع أيضاً في حبّها.
انتشرت شهرة جومانا مراد في الشارع الجزائري من خلال مسلسل «مطلوب رجال» الذي عرضته mbc. وهي تعترف بأنّ هذا العمل زاد من شهرتها. وقد جاءت مراد إلى وهران برفقة المخرج المثير للجدل خالد يوسف، والفنان صبري فواز. هذا الأخير صعد إلى المنصة بعد عرض «كف القمر» ليخاطب الجمهور الجزائري قائلاً: «لا تخافوا على مصر من الإسلاميين. هؤلاء لن يتمكّنوا من قتل حضارتنا، ولا تغيير ملامحنا المرتبطة بالفن مهما حاولوا ذلك».
هذا الكلام أكده أيضاً خالد يوسف بقوّة، بل إنّ صاحب «دكان شحاتة» توعّد الإسلاميين بأنّ الشارع المصري سيحوّلهم قريباً إلى «دقيق ناعم». هذا الوصف برّره صاحب «الريس عمر حرب» بالقول: «لا أحد يمكنه أن يسيطر على الشعب المصري، أو أن يفرض خياراته عليه. ولو كان ذلك متاحاً، لاستمر من سبق الإسلاميين في السلطة».
الفيلم المصري «كف القمر»، الذي يشارك في مهرجان وهران، مع شريط «أسماء» للمخرج عمرو سلامة، نجح في جذب عدد كبير من الجمهور، الذي توافد على قاعة سينما «السعادة» في وسط مدينة وهران. ورغم أن مقدم العرض استبق الفيلم قائلاً إنّه قد «يتضمن مشاهد محرجة للعائلات»، إلا أن جميع المشاهدين ـــ أو غالبيتهم ـــ خرجوا بقناعة واحدة هي أنّ «كف القمر» كان أقلّ «إحراجاً» من فيلمي «ديما براندو» للمخرج التونسي رضا الباهي، و«المغني» للعراقي قاسم حول، إذ إنّ العملين تضمّنا بعض مشاهد العري التي دفعت ببعض الحضور المحافظ إلى الخروج من الصالة.
«كف القمر» الذي وصفه خالد يوسف بـ «دعوة إلى الوحدة المتمثلة في الأسرة بمفهومها البسيط والحميمي»، شارك فيه عدد كبير من النجوم، من بينهم وفاء عامر، وغادة عبد الرازق، وخالد صالح، لكنّ هذا الأخير اعتذر عن عدم حضور «مهرجان وهران» في اللحظات الأخيرة، إضافة إلى بطلة فيلم «أسماء» التونسية هند صبري، التي اعتذرت «لأسباب عائلية»، فيما تساءل الجميع عن سر قبول جومانا مراد الدور في «كف القمر» رغم حجمه الصغير. تساؤل ردت عليه بطلة فيلمي «الفرح» و«كباريه»، قائلة: «السينما غير التلفزيون. في هذا الأخير أحاسب المخرجين والمنتجين على أدواري وحجمها. أما في السينما، فيكفيني فخراً أنّني أعمل مع خالد يوسف، خريج مدرسة المخرج الكبير يوسف شاهين».
ويدور شريط «كف القمر» في بيئة صعيدية، ويحكي قصة الأم قمر (وفاء عامر) وأبنائها الخمسة الذين يُقتل والدهم على يد عصابة تبحث عن الكنوز والآثار. ثم يقرر هؤلاء الهجرة من الريف نحو المدينة بحثاً عن الرزق وفرص العمل، قبل أن يتخلوا عن أصولهم شيئاً فشيئاً، فتصبح والدتهم من الماضي. ورغم محاولة الأخ الأكبر (خالد صالح) استعادتهم مجدداً، إلا أنّ ذلك لا يتحقق إلا بعد وفاة الأم. وهو ما عبّر عنه المخرج بقطع كفّ الأم قبل الموت. واعترف خالد يوسف قائلاً «اختلفت مع المؤلف ناصر عبد الرحمن بشأن نهاية الفيلم. لذلك تدخّلت في السيناريو والحوار»، مضيفاً: «كان المؤلف ضد وفاة الأم، فيما تمسكت بموتها في مقابل عودة الأبناء إلى الريف من أجل ترميم بيت أمهم... قمر في الفيلم هي مصر بالنسبة إلى البعض، والأمة العربية عند البعض الآخر. وأنا ناصري قومي، لن أسمح بقتل العروبة والوحدة العربية في أفلامي، لكنّني أردت أن أقتلها موقتاً. لقد أردت تحريك الوجع للنهوض مجدداً».



مقاطعة سورية

«أنا هنا في الجزائر، رغم حديث بعضهم عن مقاطعة سوريا لكل التظاهرات العربية» هكذا ردّت جومانا مراد على الأحاديث التي تناولت عدم مشاركة الفنانين السوريين في مهرجان وهران. علماً أنّ الفيلم السوري «دمشق مع حبي» للمخرج محمد عبد العزيز عُرض في التظاهرة وسط غياب صنّاعه ونجومه. وربط بعضهم غياب النجوم السوريين عن المهرجان بمقاطعة نقابتهم لكل التظاهرات العربية على خلفية قرار جامعة الدول العربية إزاء النظام السوري، فيما ذهب آخرون إلى القول إنّ الوضع الحالي في سوريا وعدم وضوح الرؤية دفعا بعضهم إلى التريث وعدم القيام بأي خطوة قد تؤخذ عليه لاحقاً.