«كلمات الحريّة»، عنوانٌ مثير لمعرض كتاب في العاصمة اللبنانية. في دورته الـ18، يحرص «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت» على قطف اللحظة التاريخية. يطمح الحدث السنوي الذي تنظّمه «نقابة مستوردي الكتب»، و«المركز الفرنسي في لبنان»، و«سيدرونا»، على ألا يكون مجرّد كرنفال للكتاب الناطق بالفرنسيّة، بل فضاءً لمناقشة قضايا كبرى بحجم «الربيع العربي»، و«مسحيي الشرق»، و«المرأة»... لكنّ العناوين الكبرى تقابلها مواضع ضعف كثيرة في برنامج التظاهرة التي تنطلق عند السابعة مساء اليوم في مجمّع «بيال».رغم أنّ الموضوع الرئيسي هو «الربيع» العربي، يفتقر البرنامج إلى أدباء من البلدان التي أسقطت أنظمتها. هكذا، تنحصر المشاركة المصريّة مثلاً بخالد الخميسي الذي يحضر لتوقيع ترجمة صادرة عام 2009 عن دار «آكت سود» لكتابه «تاكسي». أمّا الأدباء التونسيون الشباب، فيغيبون تماماً. كأن لا إصدارات جديدة بالفرنسيّة، تحكي الثورة في بلاد الشابّي. حتّى إنّ العناوين المقترحة للندوات، تظهر مقاربة أحاديّة التوجّه للانتفاضات العربيّة، ولا تَعِدُ بمضامين «ثوريّة»... بعنوان «هل تزهر براعم الحريّة العربيّة؟» (30/ 10 ـــ س: 5:00) مثلاً، سيدير زياد ماجد حواراً يجمع الروائي اللبناني ألكسندر نجار، والكاتب الفرنسي أوليفييه مونجين، بصفتهما «خبيرين» في استقراء مستقبل الثورات، إلى جانب الكاتب السوري فاروق مردم بك، وخالد الخميسي. ويدير الصحافي كريستوف عياد ندوة «سمير قصير ملهم الربيع العربي»، يشارك فيها المؤرّخان إلياس صنبر وهنري لورانس، والباحث الفرنسي المتخصص بالإسلام المعاصر جان بيار فيليو، والكاتبة السوريّة مها حسن، وبالطبع زياد ماجد... إضافةً إلى كبيرة مراسلي «لو فيغارو» دلفين مينوي. الواضح أنّ المنظمين يقترحون جولة أفق فرنكوفونيّة (على الطريقة اللبنانيّة) على الثورات العربيّة، تشكّل خلطة غريبة بين العلمي ـــــ النقدي والاستعراضي ـــــ الأيديولوجي... إلا أن البرنامج يقترح، لحسن الحظ، مواعيد أكثر عمقاً. مثلاً، يناقش المؤرخ الفرنسي هنري لورانس الجزء الرابع من كتابه «مسألة فلسطين 1967 ـــ 1982» الصادر عن «منشورات فايار» (3/ 11 ــ س: 6:00).
وإذا وضعنا جانباً هواجس السياسة، نجد أن البرنامج الأدبي فقير مقارنةً بالسنوات الماضية. رغم أنّ ضيوف المعرض يزيدون على 135 بين أديب ومؤرّخ وباحث. المنقّب في البرنامج عن لقاء أدبيّ يحمل إليه الجديد، سيجد صعوبة في الاهتداء إلى ضالته. قد يعثر بعد جهد على لقاءات مع ألان راي، أو ألكسيس جيني، أو أنطوان بولاد... وقد يقع على بعض الندوات القيّمة في العمارة، ولقاءات حول الشرائط المصوّرة الملتزمة والمسيّسة، وحلقات شفاهيّة تروي الحكايات يوميّاً للأطفال. كلّ هذا مع غياب تام لـ«وزراة الثقافة» اللبنانيّة، وحضور واضح لسفارات البلدان الفرنكوفونيّة، وخصوصاً سفارة بلجيكا، علماً بأن مقاطعة والوني ــــــ بروكسل هي ضيفة شرف المعرض. اللافت على صعيد المشاركات المحليّة أنّ بعض الأسماء تتكرّر كلّ عام، مع غياب واضح لأسماء أخرى. بعض الغائبين قرر بخيار شخصي الانكفاء عن المشاركة؛ لأنّ «المعرض ركب الموجة السياسية السائدة». ويردّد من فضّلوا مقاطعة المعرض هذا العام أنّ «هناك من يجري «تلزيمهم» المعرض من الألف إلى الياء، فيتحكّمون بنوعيّة اختيار الضيوف، ما يفرض جواً من التطبيل، والتزمير، والهرج الذي لا يتناسب مع طروحات أكثر جديّة في الأدب، والفكر، والنقد، والفنّ». لا تستغرب الشاعرة صباح زوين ذلك «فهذه الحال تنطبق أيضاً على معرض الكتاب العربي في بيروت لناحية المحسوبيات والمصالح»، تقول. ويتمنىّ الشاعر آلان طاسو أن تكون «الجهات الرسمية التي تشارك في تنظيم المعرض، أكثر تجرّداً»، مجدداً طموحه بـ«معرض واحد للكتاب في بيروت، يجمع الكتب الصادرة بلغات مختلفة، ويكون واحةً حقيقيّة للحوار والتلاقح بين الثقافات». بعيداً عن البرنامج المصاحب للمعرض، يظهر واضحاً تضاؤل الحيّز الممنوح لدور النشر مقابل اتساع دور المكتبات. الدور الفرنسية العريقة، تجد في تجار الكتب اللبنانيين خير مندوبين عنها. لهذا، تكتفي بأجنحة «أنطوان» و«فيرجين» لعرض إصداراتها. أمّا الدور اللبنانيّة، فمعدودة، تتقدّمها «ضرغام»، و«تاميراس» و«منارات» Amers، ما يضعنا أمام إشكالية الواقع الهزيل لنشر الكتب الناطقة بالفرنسيّة، وانحسار سوقها، وفتور حماسة قرّائها.
في «المركز الفرنسي في لبنان»، تبدو الأولويات مختلفة. مدير المركز أوريليان لوشوفالييه مشغول بهاجس واحد: «أن يكون«المعرض فضاءً لنلتقي مع الناس، ونتواصل معهم». همّ التواصل يطغى على ما عداه... فـ«المركز الثقافي الفرنسي» بات «المركز الفرنسي في لبنان» L’Institut Français du Liban، ما انعكس تغييراً على هويّته البصريّة. للمرّة الأولى، يحضر «معرض الكتاب الفرنكوفوني» بقوّة على فايسبوك وتويتر. وقد شهد موقعه الإلكتروني تحوّلاً جذرياً، إذ طالعنا بتصميم عصري وعملي. الهدف من هذه الصيغة المستحدثة، إعطاء صورة «أكثر شبابية وحداثة وجذب جمهور جديد»، يقول لوشوفالييه.
يطمح الملحق الثقافي إلى جذب الشباب إذاً، وتوسيع بيكار المعرض ليطال طبقات ومناطق «جديدة»... فاللغة الفرنسيّة، بحيّزها المنفتح والغنيّ، تعني شريحة كبيرة من اللبنانيين، يتجاوز بورجوازية الأشرفيّة. هل يكفي تعزيز دور «المركز» في الجنوب والبقاع والشمال لتحقيق الانتشار؟ وهل تنجح الدورة 18 من المعرض في تكريس هذه الصيغة المنفتحة؟ المؤكّد أن إحدى أكبر التظاهرات الفرنكوفونيّة في العالم، لا يمكن أن تبقى مجرّد لقاء صباحي لطلاب المدارس، ومنبراً حصرياً لنجوم المجتمع الفرنكوفوني في المساء.

ابتداءً من مساء اليوم وحتى 6 ت2 (نوفمبر) المقبل. ــ 01/995222 ـــــ www.salondulivrebeyrouth.org




عاشق المعاجم

أحد الوجوه المحبّبة على شاشة «فرانس 2»، هو أحد الأدمغة المحدّثة في «لغة موليير». درس العلامة اللغوي ألان راي (1928) العلوم السياسية وتاريخ الفنّ في شبابه، قبل أن يتحوّل إلى مايسترو سلسلة «لو روبير». هواية هذا الفيلسوف والمؤرّخ ابتكار كلمات جديدة، ما يجعله أحد أهمّ المتخصصين في اللغة الفرنسية على قيد الحياة. يزور راي «معرض الكتاب الفرنكوفوني» محاضراً (1/ 11 ــ س: 6:00) يلي ذلك توقيع جديده «المعجم العاشق للمعاجم» (بلون).

على خطى ماسينيون

يتربّع هنري لورانس (1954) على كرسي تاريخ العالم العربي المعاصر، في الـ«كولاج دو فرانس»، وهو الكرسي نفسه الذي شغله سابقاً مستشرقون من طراز جاك بيرك ولوي ماسينيون. صاحب «أوروبا والإسلام» واحد من أبرز المتخصصين في تاريخ الشرق والإسلام. يشارك على برنامج المعرض في سلسلة محاضرات، ويوقّع الجزء الرابع من سلسلته الشهيرة «المسألة الفلسطينية» (منشورات فايار)، ويتناول الحقبة الممتدة بين عامي 1967 و1982 (3/ 11 ـــ س: 7:00)

أديب الميترو

نجم المعرض الفرنكوفوني هذا العام، هو الروائي الأكثر قراءةً في فرنسا اليوم. في «البيال» سيوقّع مارك ليفي (1961) روايته رقم 12 بعنوان «الرحلة الغريبة لمسيو دالدري» (روبير لافون)، وسيلتقي الجمهور في حوار مفتوح معه تديره الصحافية الفرنسية الشهيرة جوزيان سافنيو (30/ 11 ـــ س: 5:00). منذ باكورته Et si c’était vrai الصادرة عام 2000، لاقى ليفي رواجاً شعبياً كبيراً، واقتبست أعماله في هوليوود، لكنّ النقّاد يصنفونها في خانة «أدب الميترو».

التائقة إلى الحريّة

الروائية المقيمة في لندن، تحلّ ضيفةً على مدينتها بعد غياب. منذ باكورتها «انتحار رجل ميت»، حكت حنان الشيخ (1945) التوق إلى الانعتاق والتحرُّر، وكانت من أوائل من تطرّقن إلى هواجس الجسد في كتاباتها. المعرض الفرنكوفوني يقدّم فرصةٌ للاستماع إلى مختارات من أدبها تقدّمها الممثلتان برناديت حديب وزينة صعب ـــ ديميليرو (بإشراف بول مطر، ٢٩/ ١٠ ـــ س: 7:00)، وبعدها توقّع الترجمة الفرنسية لروايتها «حكاية زهرة» عن «آكت سود».

تاكسي الثورة

الروائي والمخرج المصري الشاب يزور بيروت ليحكي عن الثورة. سيقدّم خالد الخميسي (1962) الترجمة الفرنسية لباكورته «تاكسي...» الصادرة عن دار «آكت سود» عام 2009. في عمله التوثيقي هذا، تتبّع الخميسي سائقي سيارات الأجرة في القاهرة، كمرايا للحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في مصر قبل الثورة. يشارك الخميسي في ندوة بعنوان «هل تزهر براعم الربيع العربي؟» مع فاروق مردم بك، وأوليفييه مونجان، وألكسندر نجار، وزياد ماجد (30/ 10 ــ س: 5:00).

مصائر الغبار

بعد إصداره «مصائر الغبار» أو De Niro’s game (2006) و«الصرصار» (2008) حظي الروائي (والمصوّر) اللبناني ـــ الكندي بحفاوة نقديّة واسعة. يكتب راوي حاج (1964) جراح الذاكرة، وسط رغبة جامحة في تحطيم الواقع القائم. الحرب حاضرة في خلفيّة أعماله، والهجرة أيضاً، وهي تيمات سيتطرّق إليها من دون شكّ في ندوة «الذاكرة والحريّة: فصل جديد» بمشاركة لقمان سليم والكاهن فادي فاضل والشيخ محمد نقري (31/ 10 ـــ س: 6:00)، تليها حفلة توقيع لروايتيه.