اختارت «صالة متروبوليس أمبير صوفيل» افتتاح أسبوع Arte بالفيلم الذي اختتم «مهرجان كان السينمائي». إنّه «الشجرة» (2010) للمخرجة الفرنسية جولي بيرتوتشيلي (1968). من المؤكد أنّ «الشجرة» ليس أفضل ما أنتجته القناة الألمانية ـــــ الفرنسية في الآونة، لكن قد يكون اختيار المنظمين لهذا الفيلم كشريط افتتاح بسبب الممثلة الفرنسية شارلوت غينسبور، التي تؤدي دور البطولة فيه، وخصوصاً أنّها صارت إحدى أبرز الممثلات الفرنسيات، بعدما نالت جائزة أفضل ممثلة في «مهرجان كان» 2009 عن دورها في Antichrist للارس فون تراير. هنا، تعيش غينسبور حداداً على زوجها بدلاً من ابنها، لكن هذه المرة ضمن شريط ذي نفحة هوليوودية بامتياز.
نقلت بيرتوتشيلي كتابةً وإخراجاً إلى الشاشة الكبيرة رواية «أبانا الذي في الشجرة» للكاتبة الأسترالية جودي بسكو. تفقد داون (غينسبور) زوجها على نحو مفاجئ، لتجد نفسها وحيدة مع أربعة أولاد في بيتها في كوينزلاند في أستراليا. تسأل سيمون (مورغانا دافيس) طفلة في الثامنة من عمرها عن سبب عدم بكاء أحد في عزاء أبيها، فتجيبها صديقتها: «الناس لا يبكون عندما يكونون فعلاً حزينين».
سيمون سوف تجد عزاءها في الشجرة الكبيرة أمام البيت، لتقتنع بأنّ أباها يعيش فيها. تجر أمها في إحدى الليالي إلى الشجرة للاستماع إلى صوت أبيها. تجاريها الأم في بادئ الأمر، لكنها رويداً رويداً تبدأ بالاقتناع هي أيضاً بالفكرة، إلى أن أصبحت الشجرة ملجأ الاثنتين وسرهما.
العنصر «الهوليوودي» يدخل على الحبكة عندما يظهر الشاب الوسيم جورج (مارتون كسوكاس) في البلدة، وتبدأ داون العمل عنده في محل للأدوات الصحية. يغرمان بعضهما ببعض، وترفض الابنة سيمون ظهور ذاك الرجل الغريب في حياة أمها والسماح له بأخذ مكان أبيها. تبدأ بملاحقة أمها، ومنعها من الاقتراب منه، وترفض زياراته... تعيش الأم صراع حب جديد مع تأنيب ضمير، إذ لم تنقض سنة بعد على وفاة زوجها الذي أحبته. هل تختار العيش مع الأحياء أم الأموات؟ هل تفضل عشيقها الجديد على ابنتها؟ والشجرة، محور الفيلم، والملجأ الآمن الوحيد ضمن هذا الصراع، راحت تمتد جذورها لتمثّل خطراً على أساسات البيت. ماذا تفعل؟ أتقتلع الشجرة، وذاكرة زوجها؟ أسئلة لا تحمل أي جديد في معالجتها السينمائية لأزمة الإنسان الأزلية: الموت. أسئلة طرحها عدد كبير من المخرجين في قوالب عدة، لكن المخرجة بيرتوتشيلي لم تقدم سوى فيلم رومانسي حزين ضمن قالب الحداد. يبكينا لأننا نعلم جيداً أن لا مكان لمعالجة مماثلة للمشاكل سوى في أفلام من هذا النوع.