لأسباب تقنية، لم يعقد «تد إكس رام الله» فيها بل في... بيت لحم. على مدار نهار كامل، يوم السبت 16 نيسان (أبريل)، تناوب متحدثون ومتحدثات عديدون على اعتلاء المنصة، لرواية قصصهم الشخصية. «تد إكس رام الله» هو النسخة الفلسطينية عن مشروع TED x - Technology Entertainment Design الأميركي، ويُنظّم منذ خمسة وعشرين عاماً تحت شعار «الأفكار البنّاءة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في مواقفنا وحياتنا وصولاً إلى عالم أفضل».
الفرق الوحيد بين النسخة الفلسطينية وتلك الأميركية، أنّ الحدث يقام في مدينة تابعة لأرض محتلة «يتعذر على جزء كبير من أبنائها الدخول إليها». لهذا انعقد المؤتمر خلال نهار واحد، لكن في ثلاثة أماكن مختلفة: قصر المؤتمرات في بيت لحم، ومسرح «دوار الشمس» في بيروت و«مسرح البلد» في عمان. وكان التواصل بين الأماكن الثلاثة بواسطة البث الحي.
المبادرة هي نتاج مجهود أشخاص رأوا أن هنالك العديد من «القصص» الملهمة من فلسطين، تستحقّ أن تروى وتنتشر. تنوع المشاركون في فئاتهم العمرية وجنسياتهم، وخرجوا بإحدى وعشرين قصة. من بيروت حملت آمال الشهابي، وعبد الرحمن قطناني قصتين عن جوانب من الحياة في مخيمات اللجوء مثلاً. وجمعت المرويات بين التكنولوجيا والترفيه والتصميم، إضافة إلى التركيز على أوجه الحياة في فلسطين تحت الاحتلال. وبقي القاسم المشترك بين كلّ تلك التجارب هو «طاقة التغيير الحاضرة».
في قصته، تحدّث التربوي منير فاشة عن رفضه للمؤسسات التعليمية التقليدية، معطياً القيمة الأكبر للتجربة الشخصية. وتمنّى فاشة أن تحمل قاهرة الثورة قيماً تغييرية للعالم أجمع، وأن «تحرّرنا من أخطر أنواع الاستعمار، أي الاستعمار المعرفي». أمّا في قصتها، فقد أخبرتنا الكاتبة سعاد العامري كيف جعلها اجتياح رام الله عام 2002، تنجز كتابها الشهير «شارون وحماتي: يوميات رام الله». تحوّلت مقاربتها لسلطة حماتها وسلطة الاحتلال إلى عمل ترجم إلى 11 لغة.
أمّا شيرين الأعرج فقد تحدثت عن التجمعات المهمشة في فلسطين، ومنها بلدتها الولجة في قضاء بيت لحم. من تلك البلدة، انطلقت لتعمل في بعثات الأمم المتحدة في جنوب السودان، وتعود بعد ذلك لتنشغل بتطوير قريتها المعزولة بسبب الجدار الفاصل.
عن أول نظام طاقة جوفية حرارية في فلسطين تحدث خالد السبعاوي، أوّل مهندس طاقة جوفية حرارية معتمد في منطقة الشرق الأوسط. وتناول محمد خطيب مساهمته في بناء برنامج «أندرويد» الذي سجل وأعاد بث نداءات وهتافات الحرية التي رددها المتظاهرون في مصر أيام الثورة. جمهور «تد إكس» صفق طويلاً لليلى العطشان، اختصاصية علم النفس التي كرّست حياتها لمساعدة ضحايا الصدمات، من دون الاكتراث لأزمة فقدانها بصرها. المغنية الملتزمة ريم البنا روت قصتها أيضاً، وكذلك فرقة الهيب هوب الفلسطينية «دام». كذلك كانت هناك مشاركة متميّزة للشاعرة الأميركية آليس والكر، صاحبة رواية «اللون البنفسجي» الشهيرة، لتروي قصة النساء الأميركيات من أصول أفريقية، مساهمتها في النهوض الأدبي والاجتماعي خلال سنوات التمييز.
يقرّ منظمو «تد إكس رام الله» من خلال يومهم الطويل ذاك، بأن طاقة التغيير باتت عربية بامتياز في الأشهر الأخيرة... وأن المنصة صارت حكراً على من سيروون قصص التغيير... بلغة الضاد.

www.tedxramallah.com/ar