باريس | تزامن تسلّم ماري كريستين ساراغوس مهماتها أمس رئيسةً جديدة لـ«هيئة الإعلام السمعي البصري الخارجي» في فرنسا، مع تغييرات عاصفة في تلفزيون «فرانس 24»، إذ أصدرت المديرة الجديدة قراراً بإقالة 3 مسؤولين كبار، على رأسهم المسؤولة السابقة للقسم العربي في «فرانس 24» اللبنانية ناهدة نكد التي كانت قد أُعفيت من منصبها مديرة لقنوات «فرانس 24» الثلاث الناطقة بالفرنسية والعربية والإنكليزية. كما شملت الإقالات المدير الاستراتيجي للإعلام الخارجي الفرنسي، فرانك ملّول، ومديرة الشؤون القانونية، فيرونيك كاتلاما روزيه.
بذلك، استجابت ساراغوس لمطالب النقابات بتنحية آخر ما تبقى من رموز الإدارة السابقة الموروثة عن عهد الرئيس السابق للإعلام الخارجي الفرنسي ألان دو بوزياك الذي اضطر إلى الاستقالة في 12 تموز (يوليو) الماضي إثر تعطيل الحكومة الاشتراكية الجديدة مشروعه المتعلق بدمج هيئات تحرير تلفزيون «فرانس 24» وإذاعتي «فرنسا الدولية» RFI و«مونتي كارلو الدولية» الناطقة بالعربية التابعتين للمؤسسة ذاتها، أي «هيئة الإعلام السمعي البصري الخارجي».
لم تشمل هذه التعديلات القسم العربي في «فرانس 24» الذي كانت ناهدة نكد قد غادرته مطلع الصيف، لتتولى إدارة تحرير قنوات «فرانس 24» الثلاث. وأبقت الإدارة الجديدة الإعلامي التونسي، منصور تيس، مديراً للقسم العربي في «فرانس 24» وإذاعة «مونتي كارلو الدولية»، والإعلامي المصري أحمد القيعي نائباً للمدير. كما احتفظت آن ماري كابوماتشيو بمنصبها كمديرة لـ RFI.
تزامناً مع هذه التعديلات التي أعلنت عنها فور التصديق رسمياً على تعيينها، سعت ماري كريستين ساراغوس إلى طمأنة النقابات التي علّقت إضراباً عاماً كان مزمعاً أن يبدأ في 4 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي «ريثما يتضح التصور الذي ستعتمده الإدارة الجديدة». وفي جلسة استماع عُقدت الخميس الماضي أمام لجنة الشؤون الثقافية والتربوية في غرفتي البرلمان الفرنسي («الجمعية الوطنية» و«مجلس الشيوخ»)، أطلقت ساراغوس إشارات قوية لطمأنة هيئات التحرير والنقابات، قائلة: «لا أنوي دمج إذاعة «فرنسا الدولية» مع أي جهة كانت». وشددت على أنّ أسلوب إدارتها «سيرتكز على التشاور والحوار»، خلافاً لسلفها ألان دو بوزياك الذي أثار موجات احتجاج متتالية من قبل هيئات التحرير والنقابات التي اتهمته بـ«التفرد بالرأي وفرض رؤاه وتصوراته الشخصية على هيئات التحرير والعاملين في الإعلام الخارجي الفرنسي».
ساراغوس المولودة في الجزائر، تتولى رئاسة «هيئة الإعلام السمعي البصري الخارجي»، بعدما شغلت منصب مديرة TV5 Monde. وجرى تعيينها في منصبها خلفاً لألان دو بوزياك، بأسلوب مغاير لما كان معمولاً به في عهد ساركوزي. الرئيس الفرنسي السابق كان قد عدل القانون، ليجعل من صلاحياته تعيين وفصل مديري الإعلام التابع لقطاع الدولة. وهو ما عارضه فرانسوا هولاند خلال حملته الانتخابية، ملتزماً إعادة تعديل القانون، لتعود صلاحية تعيين مديري الإعلام الرسمي إلى «المجلس الأعلى للإعلام السمعي والبصري» CSA، وهو هيئة منتخبة تضم ممثلين عن هيئات التحرير ونقابات القطاع الإعلامي ووزارة الثقافة. لكن تعديل القانون برلمانياً لن يكتمل قبل شباط (فبراير) المقبل. لذا تم التوافق بين الرئيس هولاند والـ CSA على أن يتولى هذا المجلس استقبال الترشيحات لمنصب رئيس «هيئة الإعلام السمعي البصري الخارجي»، وتزكية المرشح الذي يراه الأمثل، على أن يتم تعيينه رسمياً بالتوافق بين الرئيس هولاند ولجنة الشؤون الثقافية والتربوية في غرفتي البرلمان الفرنسي، ما يفسر تأخر التنصيب الرسمي لماري كرسيتين ساراغوس، لأكثر من شهر منذ تزكيتها من قبل الـ CSA مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي.