حين تتمشى ليلاً في الحمرا والجميزة، ستقع حتماً على «خربشات» على الجدران: «معاً لإعادة فتح حرش بيروت»، «ليش حرش بيروت مسكّر»، «حرش بيروت لكل بيروت»... دعوات تنضم إلى الأصوات التي علت منذ فترة مطالبة بفتح تلك الفسحة الخضراء الباقية في العاصمة، فـ «حرش بيروت» مقفل منذ عام 1995(راجع المقال المقابل)، لكن بدءاً من غداً الخميس، سيُفتح جزء من الحرش أمام الزوار من خلال سلسلة أنشطة يحتضنها على مدى أسبوعين تقريباً. فكرة «مهرجان حرش بيروت» بسيطة، تتمثل في تظاهرة مجانية متاحة لكل الناس بمختلف أعمارهم وطبقاتهم.
المهرجان تبادر إلى تنظيمه جمعية «السبيل» بتعاون وتمويل من بلدية بيروت ومنطقة «إيل دو فرنس» الوصية على الحرش منذ سنوات. علماً أنّها موّلت هذا الحرش مرتين من أجل تأسيس بنية تحتية له، لكنّ ذلك لم يتحقق حتى اليوم. ترى أمينة سرّ جمعية «السبيل» نوال طرابلسي في حديثها مع «الأخبار» أنّ معظم المهرجانات ليست في متناول اللبنانيين. لذا، جاءت فكرة تنظيم هذا المهرجان المجاني المفتوح. النسخة الأولى منه أقيمت العام الماضي، وامتدت ثلاثة أشهر، فُتح خلالها الحرش ثلاثة أو أربعة أيام كل شهر. يومها، تمكّن الزوار من حضور نشاطات فنية وثقافية متنوعة، لكن لأسباب لوجيستية، اختُصر المهرجان هذه السنة في 13 يوماً. بمعزل عن تنشيطه الحركة الثقافية في لبنان، فالمهرجان سيكون أيضاً نوعاً من جسّ النبض. بنظر المنظمين، الحرش يعدّ المساحة الخضراء الوحيدة الباقية في بيروت، عدا الأهمية التي يمثّلها بوصفه ذاكرة أهالي بيروت، هو الواقع عند أحد خطوط التماس السابقة. بالتالي، سيكون المهرجان بمثابة فرصة للناس لاكتشاف الحرش، وسيعطي فكرة عن كيفية تعاملهم معه في المستقبل، لو أعيد فتحه كما أعلن رئيس بلدية بيروت بلال حمد قبل مدة. هذا الإعلان جاء بعد ضغط مارسته جمعيات المجتمع المدني، بهدف إعادة فتح الحرش لأنّه سيكون ملتقىً مثالياً لمختلف الشرائح اللبنانية، التي ما زال بعضها «يعيش خطوط تماس الحرب الأهلية».
بالنسبة الى برنامج الحدث، سيكون حافلاً بالموسيقى. نلاحظ مشاركة أسماء معروفة في لبنان، الى جانب أخرى أقل شهرة. الافتتاح (س:5:00) مع الأغنية الفرنسية والثنائي ريما (غناء) وجويل (عزف). بعدها، يقدّم طلاب «المعهد العالي للموسيقى» و«المدرسة الموسيقية الانطونية» حفلاً يتضمن مجموعة من الاعمال الآلية والغنائية من التراث العربي على شكل تسلسلات مقامية. وفي يوم الافتتاح نفسه، موعد مع فرقة «أصيل» (س:8:00) التي ستؤدي مقطوعات من الموسيقى العربية الكلاسيكية المعاصرة.
نظراً الى دلالات المكان، يشارك بول أبي راشد في حفلة (22/9 ــ س: 5:00) يقدّم خلالها مجموعة أغنيات تتمحور حول البيئة. عُرف أبو راشد كونه مؤسساً لجمعية T.E.R.R.E التي تُعنى بتعزيز مشاريع التنمية المستدامة، كما نراه غالباً يقود حملات الحفاظ على البيئة. سبق أن قدّم حفلة في غابة بعبدا، أدّى فيها مجموعة أغنيات مرافقاً بآلة الغيتار التي يعزف عليها.




وللجاز أيضاً حصّته في المهرجان. في 27 أيلول (س:8:00)، تقدّم فرقة أرتور ساتيان حفلة موسيقية مع ساتيان على البيانو، ومكرم أبو الحسن على الكونترباص، وفؤاد عفرا على الايقاع. أما البرنامج، فسيتناول مقطوعات جاز تمزج بين أنماط مختلفة من موسيقى لاتينية وهيب هوب وسوينغ وفانك.
للغناء الشرقي الطربي حصّة أيضاً مع المغنية وعازفة العود نسرين حميدان (29/9 ـ س:8:00)، يرافقها وسام جابر على آلة الطنبور، ووسام بيطار على الإيقاع. حميدان التي تخرّجت من «المعهد العالي للموسيقى» في بيروت، اشتهرت بأدائها الاغنيات التراثية. ويتواصل الموعد مع الغناء الشرقي من خلال
فرقة «المخادعون» (30/9 ــ س:8:00) التي اشتهرت بأسلوب موسيقاها الـ «كاباريه» التي تعود الى فترة عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم. وعندما نقول موسيقى، نقول أيضاً الرقص الذي سيتمثل في عرض لفرقتي «زفة المير» و«جفرا» (21/9 ــ س:5:00). أما مسك الختام الموسيقي، فسيكون مع شربل روحانا وفرقته عند السابعة والنصف من مساء 2 تشرين الأول (أكتوبر). سيقدّم الموسيقي وعازف العود اللبناني مجموعة من مقطوعاته مع فرقته.
«حرش بيروت» سيحتصن الأطفال أولاً، من خلال سلسلة أنشطة ترفيهية وتثقيفية، تبدأها فرقة «جنون» اللبنانية (20/9 ) التي تخصصت في تنظيم حفلات الأطفال. وستشارك مجدداً يوم 23 في عرض إيمائي ومهرّج (س:5:00). وسيكون هناك محترف للطائرات الورقية مع سامي صايغ في 22 الجاري (س:5:00). مسرح الدمى يدخل أيضاً ضمن فعاليات المهرجان، إذ تقدّم «جمعية أصدقاء الدمى» مسرحية «من محمية لمحمية» (28/9 ــ س:5:00) التي تتطرق بطبيعة الحال الى الموضوع البيئي.
وبما أنّ أحد أبرز أهداف جمعية «السبيل» التشجيع على القراءة، فقد أُدرجت عروض «حكايات للصغار» يوم 29 الجاري (س:5:00). لقد أجرى منظّمو الحدث نوعاً من التوازن بين النشاطات الترفيهية والثقافية. وخصصوا مساحة للشعر والمسرح. «عالم بلا صوت» (21/9 ـ س:5:00) لعصام بو خالد تتطرق الى يوميات الصم والبكم، وتتناول قصصاً من وحي حياة الممثلين الذين هم ممن يعانون مشكلات في السمع. وليس غريباً أن يشارك الحكواتي اللبناني جهاد درويش في «حكايات للكبار» (22/9 ــ س:8:00)، هو الذي تعوّد منذ عام 1984 الحلول ضيفاً في المكتبات والمدارس والسجون لإخبار حكاياته وإعادة إحياء التراث الشفوي. أما ليلة 28 (س:800)، فستكون شعرية بامتياز، مع قراءات محمد علي شمس الدين وهدى النعماني، الى جانب ميشكا موراني وعايدة حداد، اللذين سيلقيان الشعر باللغة الإنكليزية. إذاً، «حرش بيروت» سيعود إلى الناس ولو لفترة محددة... على أمل أن تكون تلك بادرة مشجعة لإعادة فتحه نهائياً للبنانيين المحاصرين بناطحات السحاب وانتحار آخر المساحات الخضراء!



«مهرجان حرش بيروت»: بدءاً من الغد حتى 2 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ـــ للاستعلام: 70/109979