«بقدومك علينا، نزلت سما عالأرض»، «سلامي أعطيكم»، «الإيمان الساطع»، شعارات مستلّة من الأدبيات والترانيم المسيحية تزيّن الشوارع اللبنانية لاستقبال البابا بنديكتوس السادس عشر الذي يحطّ ظهر اليوم في مطار بيروت، ضمن زيارة تستمر حتى الأحد. إنّه البابا الثاني الذي يزور لبنان، المحطة البابوية في قلب الشرق الأوسط «ليعطي دعماً معنوياً للمسيحيين» ويؤكد على «علاقة المصير والحياة التي تربط المسيحيين بالمسلمين في الشرق الأوسط».
الرسالة سياسية بامتياز، لكن ماذا عن الإعلانات المرافقة التي انتشرت في أحياء بيروت ولبنان؟ إعلانات لافتة مع صورة تركّز على وجه الحبر الأعظم، لكنها خجولة عدداً، تدفع إلى المقارنة الفورية مع تلك التي ملأت الشوارع عام 1997 عند زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للبنان. فمن منا لا يتذكر شعار «ناطرينك» في كل حيّ وزاروب مع الأعلام الفاتيكانية الصفراء وصور البابا الراحل والإعلانات التلفزيونية المصورة المكثفة؟ القائمون على الحملة يرفضون هذه المقارنة، وخصوصاً بعد مرور 15 سنة على الزيارة الأولى وما طرأ خلالها من تطورات تكنولوجية يراها المنظمون مبرراً لشكل الحملة اليوم، ولو أن الوضع الأمني الراهن يشكل تحدياً وعلامة فارقة لهذه الزيارة.
الحملة تتولاها لجنة مؤلفة من قسمين (قسم كنسي وآخر جمهوري) تهتم بالأمور اللوجستية، فالزيارة يطغى عليها الطابع الديني، لكن لا يغيب عنها الطابع السياسي لما يمثله البابا كرئيس لدولة الفاتيكان. ويدير الحملة فنياً ماريو جاد، أحد الخبراء في مجال الإعلانات الذي انتدبته الكنيسة كمتطوع للعمل معها في هذا الإطار.
يرى الأب عبدو أبو كسم، «مدير المركز الكاثوليكي للإعلام» وعضو في اللجنة الإعلامية للحملة، أنه في عام 1997 كانت هناك «فوضى إعلامية»، بينما يأتي الإعلان المرافق للزيارة منظماً اليوم «إنها حملة تصاعدية» يقول، قبل أن يضيف إنّها «مستمرة بوتيرة أعلى في الأيام المقبلة» من حيث عدد الإعلانات أو كثافة بثها عبر وسائل الإعلام والتواصل. وفيما يعود أبو كسم ليؤكد أنّ الظرف دقيق اليوم لا يحتمل أن تأخذ الحملة شكلاً آخر «حتى لا توضع في مكان آخر كأن تنتهي في زواريب السياسة اللبنانية مثلاً»، يعتبر ماريو جاد أن الوضع اختلف مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي. الحملة بدت أكبر مع زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لأنّ عدد وسائل الإعلام كان أقل، فكان التركيز أكبر. لكن اليوم «فالاتكال في حملة زيارة البابا بنديكتوس تتركز على الفايسبوك وتويتر»، إذ بلغ عدد متتبعي الصفحة 400 ألف. ويرفض جاد القول إنّ الحملة اليوم أضعف، بل يعتبرها أكبر وأشمل، «بغض النظر عن الاختلاف في خلفية وكاريزما شخصية كل منهما».
يؤكد أبو كسم أنّه لضمان نجاح الزيارة البابوية، يجري التنسيق مع كل وسائل الإعلام المرئية، المسموعة، والمكتوبة والإلكترونية، ويشدّد على ضرورة الالتزام بخطاب البابا من دون الدخول في متاهات التفسيرات الصحافية الخاصة للخطاب، علماً بأنّ كل الإعلانات التي تعرض في الشوارع على اللوحات الرقمية وفي مختلف وسائل الإعلام هي مجانية قدّمتها الشركات ووسائل الإعلام والبلديات. تتوزع الإعلانات المخصصة لزيارة البابا، المكتوبة باللغات الثلاث: العربية، الفرنسية والإنكليزية، على مختلف المناطق اللبنانية، وفي حين يبدو عدد الإعلانات أكبر على الأوتوستراد الشمالي لبيروت، يؤكد الأب أبو كسم وجاد أنّ الإعلانات ستغطي كل المناطق اللبنانية من دون استثناء في الأيام المقبلة، من طريق المطار حتى أقصى شمال لبنان «فهذا حدث تاريخي للبنان وليس حكراً على طائفة واحدة»، بالتنسيق مع البلديات والوزارات المختصة. وهنا لا بد من الإشارة إلى الأخطاء اللغوية في الإشارات الإعلانية المرحبة بالبابا التي كُتبت باللغة الفرنسية وانتشرت في ضبية، وجل الديب وبرج حمود، مثل كلمة Bienvenue التي كُتبت بشكل منفصل. الحملة التي قسمت على أربع دفعات وأربعة شعارات ستستكمل من خلال إعلانات مصورة ترحب بالضيف الكبير، وتستتبع بالإرشادات الرسولية ولن تنتهي بانتهاء الزيارة، بل ستختتم بتوجيه الشكر للبابا بعد 15 أيلول (سبتمبر)... شكر مع أمل أن تثمر الزيارة التاريخية شعارها «سلامي أعطيكم».




2000 لوحة و30 فيلماً

إضافة إلى ما يقارب 200 لوحة إعلانية التي ستستكمل بدعم من البلديات لتتخطى الألفي لوحة في طرقات لبنان، وما يعادل 60 ألف بث إعلاني على اللوحات الرقمية في لبنان، يحضّر الفريق العامل في الحملة والمؤلف من 25 شخصاً ما يقارب ثلاثين فيلماً إعلانياً عن البابا بنديكتوس، سوف تعرض تباعاً على اليوتيوب وشبكات التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية.