القاهرة | «حاول تفهم» تلخّص هذه العبارة حال الصحافي الراغب في الوصول الى معلومة تصف ما جرى بدقة أمس في مؤسسات صحافية كثيرة راجت فيها معلومات متضاربة عن مصادرة ومنع توزيع صحيفة «الدستور». أكّدت مصادر أنّ ممثلين عن أجهزة في وزارة الداخلية المصرية توجهوا فجر السبت إلى مطابع جريدة «الجمهورية» حيث تطُبع «الدستور» وطلبوا أصل صفحات من الصحيفة بعد طباعتها بساعات قليلة، بعدما وردت إلى الأجهزة هذه معلومات عن قيام «الدستور» بنشر مواد تمس شخص رئيس الجمهورية محمد مرسي وتتناوله بقدر من الإساءة والإهانة. الا أنّ رئيس مجلس إدارة مؤسسة «دار التحرير» التي تطبع الصحيفة رفض إعطاء رجال الداخلية تلك «الزنكات» لعدم حصولهم على إذن من النيابة العامة بذلك، ما اضطرهم للانصراف وصدور عدد الجريدة من دون مصادرته أو اتخاذ أي إجراء بشأنه. لكنّ رئيس محكمة الجيزة الابتدائية أيّد في اليوم نفسه الأمر الصادر بضبط مجموعة من أعداد «الدستور» على خلفية التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة في إطار البلاغات التي قدمت إليها وتتهم الجريدة المذكورة بـ«الحض على الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية والتحريض على الفوضى في المجتمع». ورغم أنّ هذا الاجراء لا يعد تصريحاً بمصادرة الجريدة، الا أنّه في المقابل يعطي شرعية لإجراءات يخشى ناشطون مصريون من تثبيتها مستقبلاً وتمثل تقييداً لحرية الصحافة خصوصاً أنّها تأتي في سياق يكشف رغبة الإخوان في محاصرة الاصوات التي تنتقد الجماعة والرئيس الذي يمثلها. وما زاد من الغموض أنّ نقابة الصحافيين لم تعلن موقفها، بل اعتصمت بصمت أرجعه بعضهم إلى أنّ النقيب ممدوح الولي محسوب على جماعة الاخوان. وأبدى ناشطون انزعاجهم من تلك الاجراءات التي وصفتها نوارة نجم على تويتر بأنّها تعيد انتاج نظام مبارك. وطالبت بحملة لـ«إهانة الرئيس» بقولها: «مصادرة صحيفة عشان أهانت الرئيس؟ دي ما حصلتش أيام مبارك اللي كنا ماسحين بيه البلاط. طب ما نعمل حملة كده لإهانة الرئيس عشان يحرم بجد». وأضافت نوارة: «برلسكوني بينضرب بالشباشب والطماطم»، في حين قال رئيس تحرير «الدستور» إسلام عفيفي إنّ الجريدة ستتقدم خلال ساعات ببلاغ للنائب العام ضد كل الجهات التي تحاول تقييدها أو فرض عقوبات غير مبررة عليها. وكشف أنّ رئيس مجلس الإدارة تلقى تهديدات على مدار الأسبوعين الماضيين من خلال مكالمات هاتفية ورسائل قصيرة بسبب سياسة المعارضة التي تنتهجها الصحيفة ضد الإخوان ورئيس الجمهورية. ورغم أنّ «الدستور» مصنّفة في خانة «إعلام الفلول» بسبب مواقف صاحبها رضا ادوارد وسياسة تحريرها التي يقودها صحافي كان مقرباً من وزير الاعلام السابق أنس الفقي المحبوس في سجن طرة، الا أنّ هذا لم يمنع إعلاميين وحقوقيين من انتقاد الاجراءات الداعية إلى مصادرة الصحيفة. وربط بعضهم بين هذا الاجراء وإغلاق «الفراعين». كما راجت شائعات أخرى عن مصادرة عدد أمس الأحد من صحيفة «صوت الأمة» التي يرأسها تحريرها الإعلامي المعارض عبد الحليم قنديل، وهو الخبر الذي نفته الصحيفة رسمياً. كذلك جرى الربط بين مؤشرات أخرى عن حصار متوقّع على وسائل الاعلام التي تنتقد سياسة الإخوان ومحمد مرسي، إذ مُنع مقال عبلة الرويني في «الأخبار» الذي ينتقد نهج «أخونة الدولة»، كما منع عبد الناصر سلامة رئيس تحرير «الاهرام» الذي عيّنه مجلس الشورى ذو الاغلبية الاخوانية، مقالات للكاتب الاخواني المنشق ثروت الخرباوي تنتقد سياسات الجماعة. وتدوال النشطاء خبراً عن منع مقال للكاتب جمال الغيطاني في صحيفة «الاخبار» ينتقد الإخوان. علماً أنّنا حاولنا مراراً الاتصال بالروائي المصري للتأكّد من صحّة المعلومة من دون جدوى.