القاهرة | لا تزال المشاكل ترافق فيلم «المصلحة» الذي يؤدي بطولته أحمد عز وأحمد السقا. الشريط الذي بدأ تصويره قبل ثورة «25 يناير»، جُمّد إنتاجه عاماً كاملاً، بسبب ما تردد عن توفير وزارة داخلية الرئيس المخلوع دعماً له، وقيام الفيلم بتلميع صورة جهاز الشرطة التابع للوزارة.
لكن اليوم، يواجه صانعو «المصلحة» مشكلة أخرى. لقد أثار انطلاق عروض الشريط في الصالات المصرية، غضب بدو سيناء الذين رأوا أنه يشوّه صورتهم، ويعزز الطابع الذي أشاعه النظام السابق عنهم.
بدو شبه الجزيرة الذين عانوا التهميش وافتقاد حقوق المواطنة طيلة 30 عاماً، رغم دورهم المهمّ في دحر العدوان الإسرائيلي بين عامي 1967 و1973، وجدوا أنفسهم مؤطرين في صورة كلاسيكية، لم تنجح «ثورة يناير» في محوها.
هكذا، أعلن «ائتلاف أبناء سيناء الأحرار» إقامته مؤتمراً حاشداً في مدينة نويبع (محافظة جنوب سيناء) يوم 30 أيار (مايو) الجاري، دعا إليه الإعلاميين المهتمين بالقضية. وفي بيان أصدر أمس، وصف الائتلاف الفيلم بأنه «يزوّر الحقائق ويتعرض لقيم وعادات أهل سيناء بالتشويه والإساءة».
عند الرجوع إلى «المصلحة» الذي حقّق إيرادات جيدة حتى الآن، معتمداً على نجومية أبطاله وطابعه التجاري، يمكن الوقوف على السببين اللذين أغضبا البدو السيناويين. أولهما إظهار جميع أهالي سيناء وهم يتاجرون بالمخدرات تحت قيادة أحد بطلي الفيلم (أحمد عز) الذي يتبرأ منه شيخ القبيلة البدوي، في مشهد اعتبره أحمد عز تأكيداً على أن الشريط لا يعمم تهمة تجارة المخدرات على كل أهالي سيناء، بل يرصد حالات معينة.
أما السبب الثاني، فيتمثّل في شخصية فتاة بدوية (زينة) ترافق شقيق تاجر المخدرات (محمد فراج)، لكن عندما يتورط في قتل ضابط شرطة، تتركه وتنتقل للإقامة مع شقيقه وتمارس معه الجنس. وهذا ما اعتبره البدو «طعناً في شرف بنات القبائل»، مؤكّدين أنهم لو عرفوا مضمون المشاهد التي صُوّرت في أراضيهم خلال صناعة العمل، لمنعوا ذلك لأنّ الشريط «يؤبلس»
مجتمعهم.
ورغم انشغال الإعلام المصري في متابعة أخبار الانتخابات الرئاسية، إلا أنّ قضية «المصلحة» وجدت لها مكاناً في قائمة المواضيع التي تشغل الرأي العام، خصوصاً أن الغضب من الفيلم لم يقتصر على البدو السيناويين، بل امتدّ ليشمل الناقمين على وزارة الداخلية في عهد
مبارك.
في القاهرة، اعتبر بعضهم الشريط «محاولة لتجميل صورة وزارة الداخلية»، مستندين في حكمهم إلى أن التصوير بدأ قبل الثورة وتوقف عندها، «لأنه لم يكن ممكناً طرح فيلم يقدم رجال الأمن في شخصيات مثالية، بعد موقف الداخلية ووزيرها الأسبق حبيب العادلي من الثورة». ويُظهر «المصلحة» رجال الأمن المركزي متفانين في عملهم، وملتزمين بالقانون وحقوق والإنسان، ويقضون وقتهم في مطاردة تجار المخدرات على حساب حيواتهم الشخصية. علماً أنّ العمل الذي يحمل توقيع المخرجة ساندرا نشأت، يروي قصة صراع بين تاجر مخدرات (أحمد عز)، وضابط شرطة (أحمد السقا) ويضم عدداً من النجوم، مثل حنان الترك، وكندة علوش، وعمار شلق، ومنذر ريحانة، وأحمد السعدني.
وبينما أعلن عواد الجبالي النائب في مجلس الشورى عن جنوب سيناء «أنّنا سنتفق كنواب سيناء شمالاً وجنوباً على اتخاذ موقف تجاه التناول الدرامي للمنطقة»، يتوقّع أن تشهد القضية منحى تصاعدياً في الايام المقبلة... فهل يؤدي ذلك إلى سحب «المصلحة» من الصالات المصرية؟