غزة | في اللحظة التي دخلت فيها «الأخبار»، مكتب قناة «فلسطين اليوم» في غزة، كان مديرها يودع وفداً من الوجهاء، هو واحدُ من عشرات زاروا مقر الفضائية للتضامن والمؤازرة. كادر القناة الشاب يجري بين أقسامها لمتابعة أحداث «انتفاضة القدس». المسؤولية كبيرة، وعليهم أن يجبروا مساحة 30% إضافية من ساعات البث، هي ما كانت تغطيه مكاتب الضفة والقدس، قبل أن تُغلق هذه المكاتب ويعتقل المدير والمراسلون هناك.
عشرات المتطوعين يتواصلون مع المحطة يومياً لعرض خدمات العمل بلا مقابل
لا يتذمر الموظفون في غزة من ساعات العمل الإضافية. يقول مدير الإنتاج إن طاقة الإنتاج تضاعفت منذ الإغلاق في الضفة والقدس. بلغة الإحصاءات والوثائق، صار للقناة الفلسطينية، التي بدأ بثها الفعلي من بيروت مطلع عام 2011، حضور لافت في الشارع الفلسطيني. دخلت «قناة الكل الفلسطيني» بقوة في تفاصيل الحياة اليومية، غطت حربي 2012 و 2014، برغم عمل طواقمها لأيام طويلة من الساحات والشوارع، بعدما أخلوا مقرّهم. كذلك أولت «فلسطين اليوم» شريحة الأسرى جل الاهتمام. يتحدث الصحافي في «قسم المتابعة» محمد النجار، عن العشرات من الأسرى الذين يتواصلون مع إدارة القناة من داخل سجون الاحتلال، وتنتج الفضائية لهم برنامج «للحرية»، الذي يجرى تصويره داخل بيوت الأسرى ويستضيف عائلاتهم. ولما تعذر على الأسرى مشاهدته بسبب حجب بث القناة داخل السجون، قدمته إدارة «فلسطين اليوم»، للبث عبر «مرئية الأقصى»، وهي قناة أرضية تابعة لـ «حماس» يصل بثها داخل السجون. يعلّق النجار: «نشعر بقيمة ما نقدم، على عاتقنا مسؤولية كبيرة».
مفاجأة إغلاق مكاتب القناة في الضفة ومنعها تماماً من العمل، أمر لم يكن متوقعاً برغم سياسات إسرائيل المعروفة تجاه الإعلام الفلسطيني. يعلل مدير مكتب «فلسطين اليوم» في غزة، سهيل المقيد، استهداف القناة بـ «مستوى حضورها اللافت في تغطية انتفاضة القدس، فقد كانت رسالة القناة واضحة وموجهة ولا مداهنة فيها».
تسجل وثائق السبق لـ «فلسطين اليوم» حضورها في ميادين المواجهة، ودخولها في غرف التحقيق الإسرائيلية مع الطفل أحمد مناصرة، فضلاً عن نقلها المباشر لاعتصام العشرات من فلسطينيي الداخل مع الأسير محمد القيق من داخل «مستشفى العفولة»، ما يفسر حصدها عشرات الجوائز والأوسمة المحلية والدولية خلال سنوات عملها الأربع.
حجم التفاعل الجماهيري والرسمي، فاق مفاجأة الإغلاق بدرجات. فقد تواصلت فعاليات التضامن برغم مرور عشرين يوماً على الحدث، تخللها تضامن جماهيري عفوي لـ «أصدقاء فلسطين اليوم» على بوابة مقر القناة في غزة. كما ترجم هذا التفاعل من الضفة، فالعشرات من المتطوعين يتواصلون مع القناة يومياً لعرض خدمات العمل من دون مقابل، لأنهم يرون أن «التطوع في فلسطين اليوم... مقاومة».