السخرية في مواجهة تركة فرانكو، رفض الإيديولوجيا، الفكر النخبوي، حسّ الخفّة والكيتش، والرغبة الجامحة في عيش تجارب الحياة، مهما كانت رديئة، فما يهمّ هو كثافة التجربة... كلّها ملامح تعكس تيّار الـ«لا موفيدا» الذي يعدّ بيدرو ألمودوفار أحد أبرز رموزه. أعماله الأولى وثّقت الـ«لا موفيدا». في «بيبي، لوسي، وبوم» (1980)، اختار «وورهول لا مانشا» مقاربة الشباب بلغته وطريقة لبسه وحركاته الاستفزازية. مضمونه كما مضمون فيلمه اللاحق «متاهة الشغف» (1982) يبدو غريباً وخارجاً عن «الذوق العام». أعماله مزجت السوريالية والبوب والتيارات الجمالية ذات الاستراتيجية الواضحة: استفزاز التابوهات المتجذرة في المجتمع. تقول ساشا ماركوس المتخصصة في أعمال ألمودوفار: «شخصيّات أفلام ألمودوفار تجد نفسها في نقطة تستطيع فيها تحقيق أكثر رغباتها «الشاذة» التي يدينها المجتمع ويرحّب بها مجتمع الأندرغراوند». المثال الأفضل على ذلك هو لوسي التي تعترف بأنّها تزوّجت شرطياً سادياً، على أمل أن يضربها ويحقّق فانتازماتها المازوشية. الفيلمان المذكوران تحوّلا إلى أعمال أيقونية لـ«لا موفيدا».
لم يتخلّ ألمودوفار عن تأثيرات الـ«لا موفيدا»، وخصوصاً بعلاقتها الحيوية بتيمة الحرية، الحرية الكاملة للمرأة والرجل عاطفياً وجنسياً وحسياً بعد سنوات من الديكتاتورية والقمع والكبت. الحبّ والرغبة تيمتان لا تفارقان أفلامه. وليس صدفة أنّه سمّى شركة الإنتاج الخاصة به «ال ديزيو» (الرغبة). كان «قانون الرغبة» (1986) أول فيلم من إنتاج شركته، أثار غضب جزء من الجمهور بسبب المشاهد الجنسية التي حواه، لكن أيضاً بسبب المثلية والتحوّل الجنسي، بل حتى سفاح القربى. ورغم التحوّلات التي مرّ بها، ظلّت أفلامه صدى دائماً لـ«لا موفيدا»، تمجّد الحياة والجنون والألوان والفكاهة والسخرية. بدءاً من 1975، جاء الـ«لا موفيدا» الذي يعرّف فنانوه عن أنفسهم بأنّهم «عصريون» ينتمون إلى «الموجة الجديدة»، ليشكّل قطيعة صارمة مع تركة فرانكو الثقيلة.