صور كثيرة تعبّر أمام عيننا ونحن نتهيأ لاستقبال جمال دبّوز في بيروت. نريد أن نختار أجملها، وأكثرها تعبيراً عن مسيرة استثنائيّة حملت ابن الجيل الثاني للهجرة العربيّة إلى فرنسا، من ظلمة الضواحي إلى مراتب الحفاوة تحت الأضواء الباريسيّة. جمال دبّوز الذي سيُضحِك غداً جمهور «فوروم دو بيروت» في عرضه الستاند أب كوميدي «كل شيء عن جمال»، هو عنوان الاندماج في المجتمع الفرنسي عن طريق الثقافة والفنّ.
قد لا يدخل ذلك في اهتمامات جزء من المشاهدين اللبنانيّين المنتمين إلى شريحة فرنكوفونيّة متعالية عن واقعها وبيئتها، كارهة لهويّتها، متقوقعة في وعيها الأقلّوي، ميالة إلى احتقار المهاجرين العرب الذين تنظر إليهم من شرفة فخمة في الدوّار السادس عشر في باريس. هؤلاء سيذهبون للضحك على «المهرّج» العربي. أما نحن فسنضحك مع جمال العربي، ابن المغرب السمحاء، ووريث القيم الجمهوريّة القائمة على الحريّة والمساواة والأخوّة، وهو يسخر من عاهات معاصريه، من العنصريّة والاستغلال، ويمدّ لسانه لزعيمة اليمين العنصري مازجاً بين اسمها واسم أبيها: «جان - مارين» لوبان. الرجل الصغير بلهجة البروليتاري العربي المضخّمة، بذراعه اليمنى المعطلة التي تحمل ندوب ذكرى كاوية، يذكّرنا بفيلم «بلديّون» لرشيد بوشارب عن مصير العرب الذين حاربوا من أجل سيادة فرنسا. يذكّرنا أيضاً بفيلم «خارجون على القانون» الذي واجه فرنسا بتاريخ استعماري لم تتصالح معه. لننسَ صورته بالكيبا عند حائط المبكى، فقد حاول أن يسحبها من ألبومه العام، مؤكّداً أنّها زيارة خاصة، ولم يتاجر بها على طريقة بوعلام صنصال. بل محاها بمواقفه المتضامنة مع غزّة، وحتّى بدعوته الفرنسيين إلى فهم الظروف التي جعلت من محمد مراح «ارهابيّاً». جمال نجمنا، أهلاً في بيروت.