«سعادته السيد الوزير» المرشّحة لـ«بوكر 2013» هي الرواية الثانية لحسين الواد (1948). جاء الكاتب التونسي متأخراً إلى عالم الرواية بعد مسيرة أكاديمية حافلة في جامعات تونس والسعودية. نجح في شدّ الانتباه، سواء بروايته الأولى «روائح المدينة» أو بروايته الثانية التي هي شهادة على سنوات حكم زين العابدين بن علي التي استشرى فيها الفساد والمحسوبية، وشهدت تصفية القطاع العام والمؤسسات الصناعية الكبرى التي اشتراها أفراد من عائلة الرئيس المخلوع بأرخص الأثمان وشرّدوا عمّالها بتطبيق الخصخصة.

اختار الواد شخصية وزير لم يسمّه للدلالة على أنّ الفساد لم يكن مرتبطاً باسم، بل كان نسق حكم. هذا الوزير هو ابن خالة رئيس الوزراء الذي اختاره ليستعمله في تصفية الشركات المملوكة للدولة، ما انتهى به وراء القضبان بتهمة الخيانة والارتشاء. ومن السجن تم إيداعه في مستشفى الأمراض النفسية. هناك يلتقي بـ«مجنون» آخر كانت إحدى ضحاياه من النقابيين الذين فقدوا مصدر رزقهم بعد تخصيص شركتهم وبيعها. في لحظة غضب، يرديه قتيلاً. رواية «سعادته السيد الوزير» كتبت قبل «ثورة ١٤ يناير» ولم يكن ممكناً نشرها في تونس. حتى لو نشرت خارج تونس، كانت ستفتح أبواب الجحيم على حسين الواد لأنّها إدانة واضحة لحكم بن علي، وخصوصاً في السنوات الأخيرة التي أصبحت فيها العائلات المتصاهرة في القصر أخطبوطاً يمدّ أذرعه في كل مجالات الاقتصاد والإعلام. أنجز الواد روايته في صيغة تقرير كتبه الوزير إلى المسؤول عن التحقيق. وقد تسرّب التحقيق عن طريق عنصر أمن سلّمه بدوره إلى موظف في دار نشر فشلت في نشر الكتاب، فتخلّصت منه بتركه في المكتبة الوطنية. هذه الصياغة اعتبرها الباحث والكاتب شكري المبخوت الذي قدّم الكتاب «كذبةً جميلة» استعملها الواد ليكتب سيرة تونسية في سنوات الفساد التي لم تنته!
دار الجنوب ـ تونس