القاهرة | خلال اليومين الماضيين، عاش المصريون ما يشبه الفيلم السينمائي عنوانه «حمادة صابر». بدأ الشريط بالأكشن ثم تحوّل عنفاً ووصل إلى مرحلة الرعب فالخيال العلمي قبل أن تكون خاتمته كوميديا سوداء مساء السبت الماضي. البداية كانت عندما شاهد الملايين مباشرة على الهواء يوم الجمعة واقعة سحل المواطن المصري حمادة صابر (48 عاماً) بالقرب من أسوار «قصر الاتحادية» حين كانت كاميرات القنوات المصرية الخاصة موجودة بالصدفة في الموقع الذي شهد السحل.
أكشن وعنف لم يتعوّده المصريون. حتّى واقعة سحل «ستّ البنات» في ميدان التحرير قبل عام، لم يشاهدوها على الهواء مباشرة بهذه الطريقة ولفترة راوحت بين 4 و 6 دقائق، وبتفاصيل كاملة كما حدث مع حمادة. لكن بعد ساعات، بدأت مرحلة الرعب، عندما سمح رجال الشرطة لزوجته بإجراء مداخلات هاتفية تؤكد أنّ العائلة تلقّت معاملة جيدة من الشرطة، حتى إن مذيع قناة «أون. تي. في» شكّ في وجود من يلقّن الزوجة هذه التصريحات؛ إذ كانت تقول عكس ما رآه الناس. لكن الخيال العلمي بدأ عندما ظهر حمادة ظهر اليوم. كان واضحاً أنه رغم اعتذار وزارة الداخلية وإعلانها فتح تحقيق في الواقع، إلا أنّ الضغط الشعبي لن يتوقف عند هذا الحد. لذا، لا بد من رواية مغايرة لسيناريو الاعتراف السريع بالواقعة من رجال الشرطة، وهو السيناريو الذي كان بطله حمادة نفسه، عندما قال للكاميرات إنّه أصيب بطلقات في قدمه وسقط على الأرض بسبب اعتداء بعض المتظاهرين عليه. وعندما حاول رجال الأمن إنقاذه، ظنّ أنهم يريدون القبض عليه فقاومهم وعرّوه وسحلوه حرصاً على إيصاله إلى الإسعاف!
لم يعلم حمادة أن قناة «الحافظ» الدينية ومواقع الإسلاميين على فايسبوك اتهمته بالبلطجة و«الشذوذ»! وسرعان ما بدأت الكوميديا السوداء عندما نجح عمرو أديب في برنامجه «القاهرة اليوم» في إجراء مواجهة تلفزيونية بين حمادة وابنته. طرفان من عائلة واحدة يكذّب أحدهما الآخر على الشاشة؛ فابنته أكّدت أن والدها تعرّض للتهديد كي يدلي بتلك الأقوال، فيما راحت الشاشات كلّها ــ باستثناء «التلفزيون المصري» و«الجزيرة مباشر» ــ تعيد عرض اللقطات، ليقف الجميع مذهولين بين تصديق أعينهم التي شاهدت الفيلم والسحل الهمجي وبين تصريحات حمادة الذي تردّد أنّ وزارة الداخلية عرضت عليه تعويضاً مالياً حتى يصمت. تعويض كبير حتى يصمت، أو ربما خرج مرة أخرى ليؤكد أنّ ما حدث كان من مقالب الكاميرا الخفية!



الفتاة بشعرها الطويل

وسط الاهتمام غير المسبوق بقضية «حمادة صابر»، كشفت قناة «الحياة» عن لقطة لم يلحظها كثيرون في الفيديو تظهر أنّ حمادة لم يكن وحده معتقلاً في مدرعة الأمن المركزي؛ إذ أظهرت كاميرا المحطة قيام العساكر بسحب فتاة من شعرها إلى مكان لم تصوّره الكاميرا. وحتى الآن، لم يعرف من هي تلك المرأة وماذا حدث لها. بدورها، عرضت CNN الأميركية الفيديو نقلاً عن القناة الخاصة بـ«الحياة» على يوتيوب، لكنها حذَّرت من مشاهدته بسبب احتوائه على «مواد تتضمن اعتداء قوات الأمن على مواطن مصري جُرِّد من ملابسه».