المشهد كلّه منسل من مسرحية لآرتو أو فيلم لتيري غيليام. لا بدّ من التركيز في معلومات الشريط عن نشأة «الدولة الإسلامية»، والتحديق ملياً في تفاصيل الذبح السابقة للتهديد والوعيد. الخيارات معدومة والأعذار غير مستحبة.
إحدى الصور تظهر رجلاً وحيداً لا يعير اهتماماً للحفل كله.
لا نريد التفكير في مصيره إذا صدر قرار بمحاسبته.
عروض للسجناء في مدينةنهرب سنوات إلى الوراء. نتذكّر «سينما البولمان» حين كان الفيلم الرديء هو المنقذ الإجباري من ضجر طريق السفر. لقد أرغمنا على مشاهدة عشرات الخيارات البشعة لأصحاب الباصات، بل الانسجام معها إذا لزم الأمر. لنتخيّل كم ذائقةً غضّة ساهم معاون السائق في تسميمها بدم بارد. كم سينمائياً محتملاً أمعن في وأده في المهد عن غير قصد. القضاء على الآخر جزء بديهي من «الإرشاد النفسي» الذي تلقاه سجناء جرابلس. كانت وزارة الرايخ العام للتنوير والدعاية تحت إمرة غوبلز منارةً في هذا المجال. للنازي العتيد إنجازات ضخمة في حقل البروباغندا وشيطنة الآخر (اليهود والبلاشفة).
جرابلس في ريف حلب
كان متفانياً في إنجاز الأفلام العقائدية، والحرص على عرضها أمام الشعب الألماني بأمثل صورة. تسجيلي «اليهودي الأبدي» (1940) لفريتز هبلر، صوّر اليهود كفئران قذرة تنشر الأمراض أينما حلّت. يكتمل الاقتران بالإعدام بالغاز/ الذبح في أوشفيتز/ دابق.
ربّما نسمع عن يوسف منجيل جديد في المستقبل. ملثّم قد أجرى تجارب علمية حول قدرة العنق البشري على الصمود في وجه نصال مختلفة. حتى أميركا، بلد الحريّات المنتصر في الحرب العالمية الثانية، لجأت إلى صالات السينما في التلقين القومي وغسل الأدمغة.
أفلام البروباغندا ضد الشيوعية صارت نوعاً مستقلاً بحد ذاته، وخصوصاً في أربعينات وخمسينات القرن الماضي. إعلانات (ترجمتها الحرفية «رسائل») حاضرة لتوعية الشعب الأميركي من الخطر الوجودي، ودعوته إلى التبليغ عن أي شيوعي متربّص.
العبقري شارلي شابلن ممّن دفعوا الثمن، لكن كيف لكلمة عظيمة كالسينما أن تقترن بكلّ هذا القبح؟
لا، هذه ليست أكثر من «رسائل» كما تقول الترجمة. نفضّل هذا المصطلح، ونتذكّر عنوان فيلم مبنيّ على دمار كوكب الأرض: «شكل الأشياء الآتية».