مع كل موعد انتخابات في لبنان، يُطرح السؤال: «كيف ستُجرى الانتخابات بعيداً عن المال السياسي الذي «يرشّه» المرشّحون على القنوات للترويج لهم؟». يرى أحد المتابعين للأوضاع السياسية في لبنان، بأنّ الانتخابات النيابية التي أجريت في ربيع عام 2018 كانت «فاسدة» بسبب المال الانتخابي الذي غزا الشاشات، لكنّ الانتخابات النيابية المقرّرة في شهر أيار (مايو) قد تكون «أشدّ فساداً من تلك التي سبقتها». يرجع بعضهم ذلك إلى التحوّلات السياسية والأزمات الاقتصادية والمالية في لبنان، بدءاً من التظاهرات التي انطلقت في خريف 2019، وصولاً إلى أزمة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة واحتجاز الودائع في المصارف اللبنانية. رغم أن إجراء الانتخابات في موعدها ليس محسوماً، لكنّ الشاشات اللبنانية تتعامل مع الانتخابات على أنها قائمة. هكذا، يعقد القائمون عليها اجتماعاتهم الدورية مع الموظفين والمقدّمين والمراسلين، واضعين خطة الانتخابات. الخطة لن تختلف بشكل عام عن البرمجة التي واكبت الانتخابات السابقة، بل إنّ هذه المرة، «ستركب جميع البرامج موجة الانتخابات، سواء كانت فنية أو سياسية وحتى ترفيهية». فما هي برمجة القنوات اللبنانية في الاستحقاق السياسي؟ كيف تُعدّ العدّة؟ وماذا عن التمويل السياسي المتوقّع؟
لعلّ التميّز سيكون في الأعمال التلفزيونية التي «تُطبخ» بهدوء حالياً وسيُكشف عنها لاحقاً. على أن تكون العناوين العريضة لتلك البرامج، هي استضافة المرشحين والترويج لهم، إضافة إلى عامل لافت هو دخول جمعيات المجتمع المدني على الخطّ من خلال فقرات أو برامج سياسية تروّج لرسائلها السياسية، فالانتخابات بالنسبة إلى القنوات، تشكّل «فرصة ذهبية» للحصول على مردود مالي يخفف من عجزها قليلاً.

يتفاوض شربل خليل مع otv لتقديم برنامج نقدي سياسي

هكذا، تتحضّر nbn لدخول السباق السياسي، على أن تطلق برمجتها على مراحل. يلفت رئيس مجلس قناة nbn قاسم سويد لنا إلى أنه في منتصف شباط (فبراير) الحالي، سيبدأ عرض برنامج أسبوعي يحمل اسم «نحو البرلمان» (إعداد عباس ضاهر) تقدمه أمل حاضر. ويوضح سويد أن العمل سيتناول سيرة المرشحين والدوائر الانتخابية. ويلفت إلى أن nbn لن تكتفي بهذا البرنامج، بل تتحضر لتقديم فقرة يومية ضمن نشرة الأخبار المسائية، إضافة إلى تقارير يومية من وحي المناسبة.
صحيح أن القنوات اللبنانية ستنخرط كاملاً في الانتخابات، لكنّ المعركة ستكون أكثر احتداماً على جبهة otv. «تنفض» الشاشة المحلية الغبار عنها قريباً، لتخوض الانتخابات بمروحة لافتة من البرامج. بعدما خفّ وهج القناة بسبب الأزمة المالية التي تعصف بها وحوّلتها من قناة ترفيهية اجتماعية إلى سياسية، تتحضر اليوم لإطلاق باقة من البرامج المختصّة بالساحة الداخلية.
تكشف مصادر لنا أن منتصف الشهر الحالي سيشهد ولادة نحو ثلاثة برامج دفعة واحدة على otv كلّها تدور في فلك الانتخابات. لا يزال اسم هذه البرامج غير محسوم، لكن الأكيد أنّ الأول يطرح الملفات الاجتماعية والسياسية. أما العمل الثاني، فعبارة عن نقد سياسي يقدّمه الكاتب والمخرج التلفزيوني شربل خليل. ومن المتوقع أن يكون البرنامج تحت الضوء، لأن خليل معروف بموقفه السياسي الحاد، ويمتلك خبرة واسعة في عالم الكتابة بعدما عمل سنوات في البرامج الكوميدية الساخرة. ولا تزال القناة في مرحلة التفاوض مع خليل، وسيكون الأسبوع المقبل حاسماً بشأن إطلالته أو عدمها على القناة اللبنانية. وسيكون البرنامج الثالث على otv عن دور جمعيات المجتمع المدني في لبنان ومدى تأثيرها في الرأي العام. ومن المتوقّع أن تتبلور فكرته خلال أيام وسيتولاه مجموعة وجوه جديدة. كذلك تبحث القناة ببرنامج انتخابي جديد يقدمه جورج عقل وجويل بو يونس. على أن تطلق المحطة في السابع من الشهر الحالي، نشرة أخبار جديدة تواكب الحدث المنتظر.
على نار هادئة، «طبخت» mtv برمجتها للانتخابات النيابية. تولى مارسيل غانم في برنامجه «صار الوقت» (كل خميس) المهام «الفخمة» لاستضافة شخصيات الصف الأول المرشّحة للانتخابات. تعوّل قناة المرّ على تأمين مدخول مالي سياسي من «صار الوقت»، كما حصل مع غانم في الانتخابات السابقة. في السياق عينه، تشهد mtv ورشة تدريب يقودها جان نخول، للبحث عن مراسلين جدد يتوزعون على مختلف المناطق اللبنانية لمواكبة الحدث. كذلك، ستخرج قريباً نشرة أخبار جديدة من استديوهات ضخمة يتم بناؤها حديثاً. حتى إنّ منى أبو حمزة ستدخل على خط الانتخابات ببرنامجها «حديث البلد» المتوقّع انطلاقه مساء غد الجمعة (مبدئياً) بعد غياب قرابة ثلاث سنوات عن الكاميرا. طبعاً، يقوم البرنامج ـ كما عادته ـ على حوار ترفيهي وفني ويستضيف النجوم والفنانين، لكنه في المضمون لن يكون بعيداً عن السياسة، إذ تترافق عودة المقدمة مع «الاستثمار» المالي للمرشحين الذين يفضّلون الحضور بصورة Fresh في عملها الفني، مع ابتسامة عريضة وموسيقى تصدح في الاستديو، بعيداً عن الحوارات «الجدية» التي تسم البرامج السياسية. كذلك، تعرض mtv «برنامجك» الذي سيتولى تقديمه جان نخول وغريسيا أنطوان، ثلاث مرات أسبوعياً (الإثنين والأربعاء والجمعة) وسينطلق في السابع من شباط (فبراير) الحالي.
يتولى مارسيل غانم على mtv مهمة استضافة شخصيات الصف الأول المرشّحة للانتخابات


على الضفة نفسها، كانت lbci سبّاقة في إطلاق صفارة الانتخابات النيابية، إذ بدأ طوني خليفة قبل أسابيع عرض برنامجه «سؤال انتخابي» (كل خميس). صوّر خليفة قرابة خمس حلقات من العمل الحواري، وعاد إلى الإمارات حيث يستقر ويتحضر لافتتاح قناة تلفزيونية. على أن يعود إلى بيروت لاستكمال التصوير قريباً. في المقابل، تلفت مصادر لنا إلى أن إحدى جمعيات المجتمع المدني تتواصل مع الكاتبة كلوديا مارشيليان لكتابة نصوص تُعرض على شكل ريبورتاجات قصيرة على lbci. تسلّط تلك الفقرات الضوء على «الكوتا» النسائية في الانتخابات. من جانبه، يدخل ألبير كوستانيان السباق الانتخابي قريباً، محوّلاً برنامجه «عشرين 30 رؤية لبنان» إلى انتخابي بامتياز، ليتنافس مع غانم على استضافة الشخصيات المرشحة. في المقابل، لن تكون برامج lbci غائبة عن السباق، بل ستجنّد المحطة برامجها الفنية للحوار السياسي، وعلى رأسها برنامج «لهون وبس» الذي يقدمه هشام حداد.
لا تختلف برمجة «الجديد» عن باقي المشاريع التي تبثّها الشاشات المحلية. تحضّر المحطة لإطلاق برنامجين يدوران في فلك الانتخابات. الأول يحمل اسم «عا البرنامج» تقدمه نانسي السبع، وهو نسخة أجدد من «عالحرف» الذي تقدّمه السبع حالياً وتستضيف فيه وجوهاً سياسية. لكن في عملها التلفزيوني الجديد، ستركز السبع على استضافة المرشحين في حوار وجهاً لوجه حول برنامجهم الانتخابي. في المقابل، تحضر سمر أبو خليل في برمجة الانتخابات، إذ تُعتبر «بيضة القبان» بالنسبة الى «الجديد». كما حضرت في البرامج السياسية التي رافقت الانتخابات سابقاً، قررت الشاشة تصوير برنامج سياسي انتخابي، لكنه سيُبثّ سواء حصلت الانتخابات أم تأجّلت. وتلفت المعلومات لنا إلى أنّ سمر أبو خليل ستصور حلقة تجريبية من برنامجها الجديد غداً، على أن تحسم توقيت إطلالتها قريباً. وتوضح المعلومات أن البرنامج سيقوم على مناظرة بين شخصيتين، وعلى الأرجح سيُبث مباشرة على الهواء وسط جمهور يتابعه في الاستديو. وتلفت الأخبار إلى أن «الجديد» مستعجلة لعرض البرنامج كي يكون بمثابة «طُعم» للمرشحين الذين سيطلبون تباعاً الظهور فيه. كذلك، سيدخل برنامج «وهلق شو» الذي يتولاه جورج صليبي، ساحة المنافسة، بالإضافة إلى باقي المشاريع.