مشاهد ثابتة طويلة واسعة وبطيئة وحميميّة بعض الشيء
على هدير الانفجارات بعيداً عن الحدود، وقرى الجولان تطفو على التلال بينما يُحيط ويحجب الضباب كل شيء ويدخل المنازل، يبني أمير فخر الدين مفهوماً مشوّشاً عن الهوية الوطنية لشعب عربي يعيش «بسلام» إلى حدّ ما تحت الاحتلال. صورة الفيلم تعكس الرّكود الجيوسياسي لسكان سوريّين في سوريا، وعلى بعض خطوات خلف الحدود هناك فوضى وحرب. حالة عدنان تعكس حالة الهضبة، ومشاهد أمير فخر الدين ثابتة طويلة واسعة وبطيئة وحميميّة بعض الشيء. وهذا هو الجانب الأكثر نجاحاً في الفيلم، لأنّنا للمرة الأولى تقريباً نرى الجولان في هذه الطريقة ونتعرّف إلى طرقه وأهله. ولكن «الغريب» يضيع في التأمّل الذاتي كثيراً، فترات الصّمت والرمزيات مثل الحليب المخفوق بالدّماء، وبرك المياه، والكلب ذي الأرجل الثلاثة، والجثة في صندوق التّفاح... يحاول من خلالها المخرج جرّنا إلى أجواء الفيلم القاتمة، لكنّها تمنع المشاهد من الغوص في الفيلم وتأخذنا بعيداً للتفكير في كل مشهد أو حركة أو صوت. تأثير السينما الروسية على فخر الدين واضح، ولكن قوة السينما الشاعرية هي في الأفكار التي تطلقها قبل إعطائنا المجال للتفكير فيها والغوص في نغمة وروح اللّغة السينمائية، وهذا ما هو مفقود في الفيلم. الأفكار تتسارع مع بطء الأحداث والمشاهد، ممّا أفقد الفيلم توازنه.
على الرّغم من أنّ «الغريب» لم ينجح تماماً ولكنه بداية جيدة لمخرج جديد، يعرف تماماً المكان التي أتى منه. صوّر الجولان بحب وسلّط الضوء ولو قليلاً على محنة هؤلاء الذين يتعثّرون في ضباب الحرب.