بدأ إنتاج المسلسل في 2020، وهو يحمل توقيع أسماء عدّة لناحية الإخراج من بينهم: جون ويلز، إنزينغا ستيوارت، لايلا نيوغباور، هيلين شايفر وغيرهم. إنّه أقرب إلى رحلة عاطفية شخصية عن امرأة شابة تتعامل مع العنف المنزلي وهشاشة الفقر والتشرّد وعلاقة الأم المضطربة بابنتها.
طوال الحلقات العشر المكثّفة، لا تبتعد الكاميرا كثيراً عن «ألكس»، مظهرةً وجهة نظرها في المواقف التي تجد نفسها فيها، فيشعر المشاهد كأنّه يخوض هذه التجارب معها بفضل أداء كوالي الهادئ الذي لا غبار عليه.
تتمثّل إحدى أكثر نقاط Maid قوّة في تصويره الخام للتأثير المدمّر للعنف المنزلي، مما يُظهر الفرق الواضح بين الجدال العادي بين الزوجين والإساءة العاطفية. يؤكد المسلسل الإحساس بالعزلة الكاملة التي قد تجد شابة مثل «ألكس» نفسها فيها. واحدة من أكثر اللحظات التي تقشعر لها الأبدان في العمل هي المشهد الذي يُسيء فيه «شون» معاملة «ألكس» عاطفياً ويجبرها على الجلوس إلى المائدة بينما يكتفي والدها بمراقبة ما يجري. إنّها إحدى أصعب حلقات المسلسل، حيث تظهر البطلة وهي تغرق في الجانب المظلم من أفكارها وتفصل نفسها عن الواقع.
تنتمي السلسلة إلى الإنتاجات الاجتماعية النسوية
يصوّر العمل عدم استقرار الوجود بدون مسكن ثابت أو دخل مناسب أو دعم عائلي، مستحضراً عالماً نادراً ما نراه في الحياة الواقعية أو على الشاشة. يسلّط الضوء على جميع نقاط الضعف المتأتية من إنجاب الأطفال؛ أدنى حادث مؤسف، بدون المال أو الموارد اللازمة لتصحيحه، لا يمكن إلا أن يتحوّل إلى كارثة.
على الرغم من بعض اللمسات السريالية الناجحة، تنتمي السلسلة إلى الفئة نفسها من الإنتاجات الاجتماعية الواقعية ذات العقلية النسوية مثل Never Rarely Sometimes Always وLeave No Trace وLucy. كما في هذه الإنتاجات التي أحبّها جمهور الشاشة الصغيرة، فإنّ أهم نقاط قوّة Maid هي شخصيّاته متعدّدة الأبعاد. «ألكس» ليست قدّيسة ولا «شيطانة»؛ إنّها كاتبة ذكية وطموحة وموهوبة تمتلك نفسها وتتفانى بشدّة لطفلتها، لكنها أيضاً تتخبّط وتنزلق وتدور في حلقات مفرغة. تمنح مارغريت كوالي هذه الشخصية تماسكاً بعيون ساطعة وروح دعابة بارزة. يتجنّب القائمون على المسلسل الوقوع في فخّ الغموض. يترجمون أعراض «ألكس» إلى مصطلحات بصرية واضحة تظهر شخصاً ينفصل عن محيطته ويغرق في كهف الاكتئاب المظلم. ومع الوقت، يصبح الناس في حياة «ألكس» معقّدين أيضاً. إذ يمكن أن يتصرّف «شون» و«بولا» مثل الوحوش، لكنّهما ليسا شرّيرين بقدر ما هما يصارعان الخيبات ويخرجان عن السيطرة.
على مدار ساعاته العشر، يسير المسلسل على خط رفيع مثير للإعجاب بين إظهار حقيقة الفقر في الولايات المتحدّة وعفن المنظومة الرسمية من جهة والغرق في بورنوغرافيا البؤس (misery porn) من جهة أخرى. يبرع في إظهار الأشكال والآثار الخبيثة للإساءة العاطفية (نادراً ما يتم تصويرها على الشاشة مقارنةً بالإساءة الجسدية) من دون الإصرار على أن تكون «ألكس» ضحية مكسورة دائماً. لكنّ الأمر لا يخلو من نقاط الضعف. أحياناً، تتحلّى البطلة مثلاً بصبر شديد وسخاء غير منطقي في التعامل مع مواردها المالية المحدودة.
لكن هذه لا تعدو كونها مراوغات. التفاصيل والحنان والأصالة والأداءات المتقنة تجعل الأمر برمّته دراما مقنعة وشهادة قوية على معاناة كثيرين.
لا يعني ذلك أنّ Maid نوع من التفسير الكئيب والتلقيني لمحنة ضحايا العنف الأسري أو النساء الفقيرات أو الأمهات العازبات أو أي فئة أخرى يمكن أن تنتمي إليها «ألكس». فعلى عكس مسلسل Rust (شوتايم) المليء بالبؤس والعديد من الأعمال الدرامية التي تتمحور حول الفقر مثلاً، يرتكز هذا المسلسل إلى إحساس حقيقي بالمكان ــ الغابات والعبّارات والجزر في شمال غرب المحيط الهادئ ــ والمعرفة الوثيقة حول كيف يمكن لأنظمة الخدمات القانونية والاجتماعية المترابطة والمتشابكة أن تفشل وتحبط الأشخاص الذين يفترض أنّها تكافح لمساعدتهم.
عموماً قد لا يكون المشاهد مهتمّاً بحياة مثل حياة «ألكس»، خصوصاً في ظل حرص صنّاع الدراما في كثير من الأحيان على تقديم أشخاص كاملين لنا بدلاً من إزالة الغبار عن الكليشيهات المتأصّلة والعفنة. غير أنّ الأكيد أنّ Maid يمتلك فرصة حقيقة للتغيير!
«الخادمة»
متوافر على «نتفليكس»