لم تكن الدراما السورية بحاجة لأكثر من ستة أيام انقضت من الموسم حتى تدشّن خلافاتها فصلاً جديداً من الانقسام على خلفيات سياسية بحت. كما كان متوقعاً، عاد الجدل حول فكرة مسلسل «دنيا» («أبو ظبي - الجديد- وسوريا دراما») إلى الواجهة. فالعمل الذي كتب نصّ جزئه الأول كل من أمل عرفة وعبد الغني وبلاّط وعمار مصارع وهو من أنتجه سنة 1999 وأخرجه بلّاط، سرعان ما وصل إلى أروقة القضاء حينها وتبادل صنّاعه الانتقادات العلنية ثم طويت الصفحة.
ظلّ النجاح رفيق المسلسل الذي حقق جماهيرية كاسحة ونال رضى واستحساناً واضحين. مرّت أكثر من 15 عاماً، فقررت عرفة استثمار الكركتر الأشهر في حياتها ضمن عمل جديد. وسرعان ما كتبت النص بالتعاون مع سعيد الحناوي ومخرج الجزء الثاني زهير قنوع. لكن ما إن بدأت المحطات بعرض العمل حتى عاد مصارع إلى الأضواء من باب الخلاف ذاته، ربما لاعتقاده بأن الفرصة مواتية من أجل عودة ميمونة إلى الأضواء على حساب جهود غيره وشهرتهم، بخاصة أنّ أحداً من صناع الدراما السورية والمتابعين لها لم يعد يسمع باسمه منذ أيام الجزء الأول من المسلسل الكوميدي. على أي حال، وجه الكاتب والمنتج السوري رسالة إلى المحطات التي تعرض المسلسل وإلى وسائل الإعلام (تلقينا نسخة منها) عنونها بجملة استفزازية مفادها: «أمل عرفة سرقتني في وضح النهار» ثم شرح أنه «مؤلف الحلقات الأولى من المسلسل التي حددت مسار الشخصيات»، مرفقاً نسخة من العقود التي أبرمها يومها مع عرفة وبلاط للمشاركة في تأليف النص كورشة سيناريو من دون أن تملك هذه الورشة الفكرة، واستفاض في الشرح قائلاً: «ألّفت أمل عرفة نسخة مطابقة في الأحداث وملامح الشخصيات الرئيسية والبنية الدرامية للجزء الأساسي من المسلسل، مستغلة نجاح نسخته الاصلية، إلى درجة استخدامها أغنية الشارة ذاتها، التي دفعت كامل أجور إنجازها بصفتي منتجاً للعمل في جزئه الأول، فإنني أعتبر أن ما قامت به السيدة أمل عرفة هو سرقة معنوية ومادية مكتملة الأوصاف والأركان للمسلسل الأساسي، واعتداء على حقوقي المادية والمعنوية، بقصد الكسب المعنوي والتربّح المادي، مستفيدة من الظرف السياسي والعسكري الذي تمر به سوريا، وقربها من السلطة السياسية الحاكمة مما يجعلها فوق القانون، إضافة إلى عدم قدرتي على العودة إلى بلدي لمقاضاتها». لذلك طلب مصارع من المسؤولين عن القرار في المحطات الفضائية في ختام خطابه بالقول: «أطلب إعادة النظر في قرار بث المسلسل على ضوء ما عرضته عليكم، محتفظاً بحقي في الملاحقة القانونية». طبعاً، لا أحد يعرف سبب تلكؤ مصارع عن المطالبة بحقوق يدّعيها لحين بدء العرض على قنوات هامة، رغم أن «السوشال ميديا» أقامت احتفاليات افتراضية منذ بدء تصوير العمل حتى رأى النور. من جانيه يلفت مخرج الجزء الأول والشريك في تأليفه عبد الغني بلّاط خلال اتصاله معنا إلى كذب ما أدلى به مصارع بخصوص تأليف الحلقات الأولى من المسلسل ويؤكد بلاّط أنه «ألّف أكثر من 15 حلقة من العمل، وصاغ بقيته بناء على أفكار مصارع وعرفة». ثم يوضح بأنّ «مستوى الجزء الثاني انحدر قياساً مع الأول، وهو ما بات واضحاً بعد عرض الحلقات الخمس الأولى»، مضيفاً أنّ العمل يعاني من حالة منافسة بين شخصيتيه الرئيستين (طرفة ودنيا) لسحب المشهد نحو احداهما، وهو ما يؤثر على السوية العامة، وقد عانيت منه في الجزء الأول فكنت أطلب إعادة تصوير المشاهد لهذا السبب مرات عدة». من جانب آخر، يوضح بلاّط أنّ نجمة «رفة عين» عرضت عليه الشراكة في كتابة الجزء الثاني من المسلسل، لكنه لم يصل معها إلى اتفاق نهائي، وأنها تنبّهت منذ البداية لفكرة حقوق العمل كونه أنجز قبل سنوات طويلة واشتراه يومها عمار مصارع بقروش قليلة.
أما النجمة أمل عرفة، فقد رفضت خلال اتصالها معنا التعليق على الموضوع مختصرة الحديث بالقول: «العمل خرج إلى العلن بشكل قانوني بحت، وليس سلطوياً، ولن أرد الآن» منوّهة إلى مفاجأة كبيرة تخبئها لخصمها ستظهر لاحقاً.
أخيراً أشار لنا أحد المطّلعين على هذا الخلاف وقد فضّل عدم ذكر اسمه «بأن الحقوق الملكية الفكرية لأي مسلسل تسقط بعد مرور 15 عاماً على إنتاج العمل وهي حالة تنطبق على العمل الكوميدي الشهير». ربما تكون هذه المفاجأة التي تخبئها «دنيا أسعد سعيد» لخصمها البعيد!