كان | سؤال واحد كان على كل الألسنة أمس بعد عرض «شباب» لباولو سورنتينو: هل سيكفِّر «مهرجان كان السينمائي» عن «ذنوبه» بحق المعلم الايطالي؟ جاء ذلك بعدما كان رواد الكروازيت قد فوجئوا بخروج رائعته «جمال كبير» العام الماضي، بخفّي حنين من سباق «السعفة الذهبية». قدّم سورنتينو تحفة بصرية وفكرية، زاوجت بين خفة الكوميديا دي لارتي الإيطالية، والمنحى التأملي المشبع بالنوستالجيا والشجن الرقيق. الأدوار الرئيسة في «شباب» يتقاسمها ثلاثة نجوم يلتقون في منتجع صحي مخصص للمسنين في الريف السويسري: مايكل كين (موسيقار وقائد اوركسترا يعتزل التأليف اثر وفاة زوجته التي كانت على مدى عقود ملهمته ومغنيته الأوبرالية الأثيرة)، وهارفي كيتل (مخرج وكاتب سيناريو يقاتل ضد تقدمه في العمر ونضوب مصادر إلهامه)، وجين فوندا (في دور الممثلة المفضلة لهذا الأخير).
وهؤلاء سبعينيون يفترض انهم ودعوا شبابهم منذ عقود، لكن ما يتسمون به من حيوية وخفة روح يبرهن أنّ الجمال ليس مرتبطاً بعمر محدد، بقدر ما هو حالة عقلية ونمط حياة. خارج المسابقة الرسمية، وفي تظاهرة «أسبوعا المخرجين»، عُرض الفيلم المغاربي الوحيد الحاضر في «كان» هذه السنة، وهو جديد نبيل عيوش «الزين اللي فيك». هنا، يعود الابن المشاغب للسينما المغربية على خطى بداياته، ليصور مجدداً قصة تدور في أوساط المقصيين والمهمشين. يصور يوميات اربع فتيات يمارسن البغاء في مراكش، منطلقاً من معاناتهن لتسليط الضوء على مآسي السياحة الجنسية للأثرياء السعوديين والأوروبيين في «المملكة الشريفية».
بجرأة، يسلط عيوش مشرح النقد على ما يتسم به «السياح» السعوديون من ازدواجية وبذاءة وخواء. الى جانب الهوس الجنسي والفوقية، يبرز الفيلم الانحطاط الاخلاقي لبعض هؤلاء الأثرياء الذين يغدقون على المومسات، ويستكثرون في الوقت ذاته على شعب فلسطين حاجته الى الدعم المالي العربي، مشيرين إلى أنّه شعب من «الشحاذين» الذين يستغلون القضايا القومية من «ابتزاز أثرياء الخليج مالياً، ثم وصفهم بعد ذلك بالرجعية». برغم الهجمة الاعلامية التي اشتعلت باكراً في المغرب لانتقاد الفيلم بحجة مغالاته في العري والبذاءة اللفظية، إلا أنّه لقي حفاوة نقدية بفضل ما اتسم به من نفس إنساني ونبرة نسائية مدافعة عن هؤلاء المومسات، ضد ما يتعرضن له من استغلال وضد صمت السلطات في المغرب على هذه الممارسات.