عمان ـــ أحمد الزعتري إسلام سمحان، الشاعر الأشهر الآن في الأردن، خرج من السجن بكفالة، بعدما بقي 4 أيام على ذمة التحقيق... على أن يحضر جلسة المحاكمة الأولى الخميس المقبل. أما التهم التي وُجّهت إليه فهي: «تحقير الدين وأرباب السماوات وإهانة الشعور الديني». كان يمكن أن يمر ديوان سمحان الأول «برشاقة ظل» (دار فضاءات للنشر الأردنية) كأيّ ديوان عادي يحتوي على العديد من العبارات الشعرية المستهلكة. لكن ما حدث أنّ عبارات معيّنة استفزت قرّاءً من نوع خاص. فكيف لسمحان أن يصف «رصيف البار» بأنّه «ما كان له كفواً أحد»، ثم ينجو بـ«فعلته». ومن أين جاءته الجرأة ليصف النبي بـ«قارئ فنجان السماء، وفنجان القهوة تقرأه نساء النبي»، بسبب مثل هذه الجمل الفجّة، أثيرت القضية.
بدأت القصة عندما تلقّف كاتب في أحد المواقع الإلكترونية الديوان، فكتب مقالة تستنكر «العبارات المسيئة للذات الإلهية» الواردة في المجموعة. ثم ناقشت إذاعة إسلامية محلّية الخبر عبر استضافة مفتي الأردن الذي كفّر سمحان على الهواء. بعد التكفير مباشرة، بدأ سمحان يتلقّى اتصالات تهديد. أما دائرة المطبوعات والنشر، فانتبهت إلى الديوان بعد 8 أشهر من توزيعه في المكتبات، فرفعت قضية لاتخاذ قرار بمصادرته بحجّة أنّ الشاعر لم يزوّد الدائرة بنسخة مخطوطة قبل النشر، كما ينصّ القانون. بينما يرجع الفضل في إيقاف سمحان إلى دائرة الإفتاء التي طالبت بتوقيفه ومصادرة الكتاب.
في حديث إلى«الأخبار»، شدّد سمحان على أنّه «مواطن أردني مسلم، ولم يقصد الإساءة إلى أي دين»، مشيراً إلى أنّ ما أثار القضية فعلاً هو تحدّيه مَن كفّره. إذ طالبَ خلال لقاء على إذاعة BBC بإصدار فتاوى في قضايا «أهم»، كتحرير الأراضي المحتلة، مضيفاً «آنذاك، سأمشي إلى المقصلة بقدمين ثابتتين».
أما الأوساط الثقافية، فجاء تحرّكها متأخّراً. انتظرت رابطة الكتّاب الأردنيين إيقاف سمحان لتصدر بياناً طالبت فيه بإسناد الموضوع إلى مرجعية أدبية «تعرف أن الكلمات في الأدب تعني غير معانيها الظاهرة». تلقّى سمحان اتصالات تضامن من مؤسسات تعنى بحرية الصحافة والإبداع، إضافة إلى عريضة وقّعها عدد من الكتّاب والفنانين الأردنيين والعرب.
وليست هذه المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر في بلد المحظورات. فالمرجعية الدينية نفسها كفّرت موسى حوامدة عن ديوان «شجري أعلى»، ومرجعية الرقيب نفسها التي قضت بمنع أعمال إبراهيم نصر الله الشعرية الكاملة وعمل «خزانة الأسف» لزياد العناني.