تغطية إعلامية هزيلة وغياب للشخصيات الرسمية واهتمام زائد بالأسماء المصرية... ماذا ينتظر مهرجان الموسيقى الذي يُختتم بعد أيام، ليخرج من تقوقعه المحلي؟
زينة منصور
لم يخلُ مهرجان الموسيقى العربية السابع عشر الذي انطلق يوم السبت الماضي، ويستمرُّ حتى نهاية هذا الأسبوع، على مسارح دار الأوبرا في مدينتي القاهرة والإسكندرية، من المفاجآت والانتقادات. تضاف إلى ذلك تغطية إعلامية هزيلة، وشبه معدومة على مستوى القنوات الفضائية، التي لم تتحمّس أيّ منها لشراء حقوق البث الفضائي، فاقتصرت التغطية على التلفزيون المصري، ما يشير إلى ضرورة عاجلة لإعادة النظر في كيفية التنظيم والإعداد الجيد لحدث، يُعدّ موعداً هاماً لتظاهرة موسيقية عربية، من المفترض أن تجمع تحت مظلتها أبرز صنّاع الموسيقى المعاصرة في العالم العربي، من فئات عمرية شابة ومخضرمة. والمهرجان هذا العام، يكاد يكون ضعيفاً نسبياً إذا ما قورن بالسنوات السابقة. وتشارك فيه 12 فرقة موسيقية و22 مطرباً ومطربة لإحياء 41 حفلة غنائية وموسيقية من مصر والعراق ولبنان وسوريا والمغرب والأردن واليمن والسعودية وفلسطين، على مدار تسعة أيام.
أما الانتقادات الأولى التي وجّهت إلى التظاهرة، فتمحورت حول غياب وزير الثقافة المصري فاروق حسني عن حضور حفلة الافتتاح لمشاركته في مؤتمر الحزب الوطني، ما أثار حفيظة متابعين للحركة الثقافية المصرية وللمهرجان خصوصاً. ثم جاء دور حفلة الافتتاح، وأوبريت «صوت الربيع» التي كان من المفترض أن تسلط الضوء على نجمي الدورة الجديدة، المطربة الكبيرة أسمهان وشقيقها الموسيقار فريد الأطرش. أسهُم النقد هذه المرة أصابت اللوحة الدرامية الغنائية التي أخرجتها جيهان مرسي، وكتبتها الأمينة العامّة للمهرجان رتيبة الحفني، على اعتبارها لوحة هشّة نصاً وإخراجاً، لا ترقى إلى مستوى ما أسهم به الفنانان على مستوى الموسيقى العربية. لكن ما خفف من وطأة هذا الهجوم، كان الأداء المحترف لكل من المطرب المصري محمد ثروت، والمطربة المغربية كريمة الصقلي.
وأوبريت «صوت الربيع» تمحورت حول الصعود الفني لفريد وأسمهان الأطرش، في ظل رعاية والدتهما الأميرة علياء، التي أدت دورها المطربة السورية إيمان باقي. وذلك، منذ وصول العائلة إلى مصر، وسماح سعد زغلول لها بدخول البلاد. كما توقفت المسرحية الغنائية عند مسيرة أسمهان الفني وبدايات فريد، وصولاً إلى حادثة غرق سيارة المطربة واعتزال شقيقها لثلاث سنوات، والدور الذي أدّته سامية جمال بإقناعه بالعودة، ليتبوأ الصدارة في الفن العربي. وهنا، لا يخفى على أحد أن مسلسل «أسمهان» الذي عرض في رمضان الماضي، أزاح العتمة التي تكثفت حول مسيرة المطربة المصرية. فيما دفع نجاح العمل بإدارة المهرجان إلى هذا التكريم الذي جاء متأخراً جداً. وفي السياق نفسه، تشارك المطربة السورية الشابة الأسمهانية الهوى وعد البحري التي قامت بالأداء الصوتي في المسلسل لدور أسمهان، بإحياء أمسية من حفلات المهرجان.
وبعيداً عن الانتقادات، لم يخلُ الحدث الفني من بعض المفاجآت السارة، لعلّ أبرزها قدوم المطربة وردة خصيصاً من الجزائر إلى القاهرة، لمتابعة أمسيات المهرجان. وهي فاجأت المغني اللبناني مروان خوري بحضور الأمسية التي أحياها على المسرح الكبير في دار الاوبرا، حيث قدم أغنية لوردة كتحية لها، وأخرى من روائع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، إلى جانب تأديته أغنيات لنجاة وعبد الوهاب. وكان خوري قد رد على من هاجم مشاركته في الفعاليات هذا العام والعام الماضي، وإصراره على تقديم أغانيه الخاصة إلى جانب عدد أقل من أغنيات الطرب القديم، بكونه يريد أن يقدِّمَ نفسه كمطرب وملحن وشاعر معاً.
ومن نجوم المهرجان شعراً هذا العام عبد الرجمن الأبنودي، الذي كان من أبرز المكرّمين، لكنه لم يتمكن من الحضور بداعي المرض، فتسلّمت زوجته الجائزة نيابةً عنه.
ومما لا شكَّ فيه أن عدم توسيع مروحة المكرَّمين، واقتصارها بغالبيتها على الأسماء المصرية، يمثِّلان أيضاً ثغرة لتظاهرة فنية تحمل صفة عربية، ما يفرض على إدارة المهرجان أن تجهد لتكريم أسماء عربية من جنسيات مختلفة، وأن تسعى بالتالي إلى الخروج من التقوقع المحلي، لعلّه يتبوأ موقعاً متقدماً على الخريطة الإقليمية للمهرجانات العربية الدولية.
ذلك أن الأسماء العشرة المكرمة في الدورة الأخيرة، اقتصرت معظمها على مصر. وقدم رئيس دار الأوبرا عبد المنعم كامل، الدروع والجوائز للشاعر عبد الرحمن الأبنودي، والموسيقار مصطفى ناجي والمايسترو سامي نصير والمطربة عفاف راضي والفنان السعودي سراج عمر، والباحث الموسيقي العراقي صبحي أنور...