أم تي في» تعود إلى البث قريباً. وقد بدأت التكهّنات والمراهنات عشيّة إعلان رئيس مجلس إدارتها غبريال المرّ الحدث الذي سيعدّل المشهد الإعلامي اللبناني
فرح داغر
إذاً الشائعة التي كانت تسري في الكواليس منذ أشهر باتت رسميّة: Mtv قريباً على الهواء. لعلّها لم تكن شائعة على الإطلاق، إذ يكتشف المواطنون اليوم أنّ هناك من يعمل في الظل منذ أشهر على إعادة إطلاق هذه الفضائيّة اللبنانيّة، على مستوى الصفقات الماليّة والسياسيّة وعلى مستوى الإعداد. هناك في العلب ساعات بثّ طويلة جاهزة، كما علمنا من داخل المحطّة المنبعثة من رمادها، بعدما وأدتها، بالأمس غير البعيد، تحالفات الطبقة السياسية الحاكمة آنذاك (معظم رموزها باتوا من أبطال ثورة الأرز) مع ما كان يعرف بـ«الوصاية السوريّة»... آنذاك أيضاً!
المحطّة عائدة إذاً، بعد صراعات عنيفة للسيطرة على LBC، عشيّة انتخابات نيابيّة سيدور فيها الصراع على اجتذاب الرأي العام المسيحي. عائدة بفضل توليفة ماليّة مع أصحاب المحطّة، تكثر حولها التخمينات التي ننقلها هنا بحذر: رساميل سعوديّة كبرى، وأنطوان الشويري فارس سوق الإعلانات الذي دخل مع LBC في حالة طلاق وقطيعة على خلفيّة صراعات سياسيّة معلنة، ومن خلفه طيف القوات اللبنانيّة الذي يراه الجميع وسط إنكار أصحاب العلاقة. قيل إن الأمير بندر بن سلطان شخصيّاً حاول إصلاح ذات البين بين سمير جعجع قائد التيار المسيحي الراديكالي، وبيار الضاهر الرجل القوي في «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال»... ومثله فعل السنيورة وسعد الحريري: لكن سدى. وقيل إن مبلغاً ضخماً عرض على الضاهر كي يخوض حملة 14 آذار، لكنّه ماطل في المفاوضات... فذهب المال إلى «أم تي في». القضيّة واحدة في نظر هؤلاء: أبلسة ميشال عون وعزله. إذ يرى المراقبون أن المعركة الانتخابيّة المقبلة في لبنان هي إسمنت التحالفات التي أعادت المحطّة إلى الأثير.
مهما كان من حقيقة هذه التخمينات التي تبقى حتّى اللحظة غير قابلة للتأكيد أو الدحض، سيعرف المشهد الفضائي اللبناني، ومعه العربي، بعض التغييرات الأساسيّة في المرحلة المقبلة. يحدث ذلك عشيّة المعركة الانتخابية. فمن يهيمن إعلامياً يضمن موقعاً متقدماً في إعادة تركيب توازنات القوى السياسيّة في لبنان. هل تكون المحطّة العائدة رأس حربة الخطاب الراديكالي المسيحي وغلاة التيار اليميني الذي يلعب على الخوف من الآخر والتقوقع والانعزال... فيما تترك لـ«أل بي سي» حينذاك، في ظل لعبة «تبادل أدوار» بين المحطتين، راية الاعتدال المسيحي المنفتح عربيّاً، والمراهن على الاستقرار الأهلي؟
الولادة الرسميّة يعلنها، بعد غد، رئيس مجلس إدارة Mtv ميشال غبريال المرّ في مؤتمر صحافي، ليواعد الجمهور بعودتها إلى البث أواخر آذار (مارس) المقبل، وتحديد الخطوط العريضة التي سترسم أطرها السياسية والإعلامية. «أم تي في» تفتح صفحة جديدة في مشوارها الإعلامي الذي توقف في 4 أيلول (سبتمبر) 2002 إثر فوز مالك المحطة المهندس غبريال المر في انتخابات المتن الفرعية وإقفالها بحجّة مخالفتها المادة 68 من قانون الإعلان الانتخابي، وما تبع ذلك من إبطال لنيابة صاحبها. يؤكّد مالك «أم تي في» اليوم لـ«الأخبار» أنّ المحطّة «أقفلت ظلماً وقسراً لأنّها كانت تخوض معركة تحرير لبنان». ونفى أن يكون توقيت انطلاقتها «يتقاطع مع أجندة انتخابية»، مذكّراً بـ«أنّ القرار كان متخذاً لإعادتها إلى الهواء في 4 أيلول (سبتمبر) 2006، إلا أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان حالت دون ذلك». وعما إذا كانت القناة ستكون الذراع الإعلامية لفريق 14 آذار، أجاب المرّ بأنّها «كانت موجودة قبل ظهور فريقي 14 و 8 آذار... وسيجد الجميع مكاناً لهم فيها».
لكن انطلاق Mtv يعيد إلى الواجهة السؤال عن مستقبل LBC الأرضيّة، ومستقبل حضورها «المسيحي» تاريخياً، على ضوء النزاع القانوني القائم بين بيار الضاهر و«القوات اللبنانية»... في ظلّ شائعات ملحّة آتية من أروقة أدما، عن عمليّة «شفط» ستؤدّي إلى نزوح واسع من «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، يشمل «نجوماً» وكوادر صحافية وتقنية بعضها ـــــ كي لا نقول معظمها ـــــ محسوب على «القوات». وقد نقل أن الضاهر جمع كوادر المحطّة وقال لهم: «من أراد الذهاب فالباب مفتوح. أنا غير متمسّك بأحد!»... فهذا النزوح سيريحه من بقايا العهد القواتي دون أن يحمّله أعباء ماليّة لصرفهم. مسؤولة الإعلام في «القوات اللبنانية» أنطوانيت جعجع تستبعد أن تكون Mtv منبراً مسيحياً بديلاً من LBC، معتبرة أنّ هذه الأخيرة «ستبقى ملكاً للقوات اللبنانية». أما الكوادر «المهاجرة»، فتضعها جعجع ضمن لعبة العرض والطلب، وتنافس المؤسسات الإعلامية على الكوادر المميّزين، كما حصل قبيل إطلاق «أخبار المستقبل».
هناك في كل الأحوال عمليّة إعادة ترتيب للأوراق على ساحة الإعلام المرئي والمسموع، ستكون بنداً أساسياً في ملف الاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة. ولا بدّ أيضاً، لدى استشراف مستقبل المشهد الفضائي، من التوقف عند الاندماج الذي حصل العام الماضي بين «إل بي سي سات» و«شبكة روتانا»، وسلسلة التغييرات الجذريّة التي نتجت وستنتج منه، على مستوى البرمجة والتوجّهات وآليات التمويل التي سيقوم عليه مستقبلاً مشروع بيار الضاهر الإعلامي (راجع مقالة أخرى في هذه الصفحة).
كيف ستتشكّل الخريطة الإعلامية الجديدة؟ وماذا سيكون موقع LBC فيها؟ وكيف ستتعاطى هذه الأخيرة وotv وmtv مع الاستحقاق الانتخابي الذي كان سبباً في إقفال «أم تي في»؟ في المقابل، هل تنجح الوسائل الإعلامية اللبنانية في ممارسة دورها كسلطة مراقبة لأداء السلطة، أم يقتصر دورها على حملات الدعاية والترويج والضغط على الرأي العام لتجييشه في «أم المعارك الانتخابيّة»؟


نزوح «قوّاتي» من LBC؟

ZOOM

قناة انتخابيّة بامتياز... وهؤلاء نجومها



باسم الحكيم
ليل الثلاثاء 31 آذار (مارس) المقبل، ستطلّ Mtv على جمهورها بعد غياب سبع سنوات. المحطّة التي حرصت في «حياتها الماضية» على إرضاء مختلف الأذواق، عبر تقديمها سلّة متكاملة من البرامج والمسلسلات المحليّة والغربيّة، سترتدي في المرحلة الأولى حلّة القناة الإخباريّة شكلاً ومضموناً، على أن تعتمد على البرامج المباشرة في البداية، قبل أن تعود شاشة متنوّعة لاحقاً. ويُتوقّع أن تمثّل المحطة ــــ بحسب مصادر مطلعة ــــ الصوت الإعلامي لـ 14 آذار. أما لجهة الشكل، فستكون شبيهة بمكاتب «أخبار المستقبل» بعدما صمّم استديوهاتها في منطقة النقاش، مهندس الديكور نفسه.
وفيما يعد مدير الأخبار والبرامج السياسيّة غيّاث يزبك، بأنّ الصيغة المتبعة في المحطة ستكون مشابهة لتلك المعتمدة في TV5 لجهة التنوّع، يبدو أنها في الأسابيع الأولى، ستكون قناة انتخابيّة. إذ تقدّم سلسلة برامج سياسيّة، منها برنامجان حواريان مسائيان، أحدهما يقدمه وليد عبّود، والثاني تقدمه بولا يعقوبيان التي ستغادر «أخبار المستقبل». ويؤكّد عبود أنه قدّم استقالته من LBC «لكنني سأواصل إطلالاتي عبر برنامج «نهاركم سعيد» حتى نهاية الشهر المقبل». وفيما ستخصّص Mtv صباحاتها للفقرات السياسيّة، سيطلّ زياد نجيم في برنامج مسائي، يستقبل فيه شباب يمثّلون مختلف الأحزاب والتيارات اللبنانية في «توك شو» قريب من تجربته في «الشاطر يحكي».
ستتوزع الأدوار إذاً بين الإعلاميين الثلاثة، فيبتعد نجيم عن استضافة الشخصيات السياسيّة، بينما يلتقي عبّود الوزراء والنوّاب في نقاش سياسي. علماً بأن صورة البرنامج لا تزال غير واضحة حتى اللحظة، وكذلك برنامج يعقوبيان.
وقبل أيّام من موعد المؤتمر الصحافي، أجرى القيّمون على المحطة التي ستوفّر حوالي 500 فرصة عمل، اتصالات بمعظم العاملين السابقين فيها، بعضهم رحّب بالعودة، وبعضم أجّل بتّ الأمر قليلاً. هكذا، سيبقى يزبك وهبي في LBC، تاركاً مساحة للمناورة «أفضّل البقاء مذيعاً لنشرات الأخبار في LBC، على موقع المسؤوليّة الذي عُرِض عليّ في Mtv».
وبعيداً عن السياسة، تعود هيام أبو شديد التي غابت عن الإعلام سنتين منذ مغادرتها «الحرّة»، وذلك في برنامج اجتماعي إنساني، تقول إنّه «لن يكون مختلفاً عن الأجواء التي عرفني فيها الجمهور قبل سبع سنوات». ورغم أن عودتها باتت شبه محسومة، تفضّل أبو شديد أن تبقي عودتها معلّقة ومرهونة «بالأوضاع في لبنان». كذلك تعود كلود أبو ناضر هندي مع برنامج التحقيقات الاجتماعيّة والبيئيّة والسياسيّة والاقتصادية، وتشير إلى أنها كانت أوّل من قدّم برنامج تحقيقات وثائقيّة على الشاشات اللبنانيّة، قبل أن تتابع في الخط نفسه في anb و«العربيّة».
ورغم حرص إدارة المحطّة على إعادة معظم الذين أطلّوا عبر شاشتها من إعلاميين وتقنيين وفنيين، يبدو أن بعض الأسماء ستؤجل عودتها إلى ما بعد الانتخابات. من هنا، لن تطلّ ميراي مزرعاني حصري ببرامج ألعاب: «أنتمي حالياً إلى «المستقبل»، رغم أنني أجد Mtv بيتي... وأكدت لرئيس مجلس الإدارة ميشال المر أنني جاهزة، حينما يحتاجون إليّ». كذلك، لن يعود سامر الغريب إلى ما يصفه بـ«بيته الأوّل». ومن الوجوه التي يتم الحديث عن انتقالها من LBC، بسام أبو زيد ومنى صليبا ومي شدياق.